قوله : { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ الله وَعْدَهُ } نزلت لما قال بعض المسلمين من أين أصابنا هذا ، وقد وعدنا الله النصر ، وذلك أنه كان الظفر لهم في الابتداء ، حتى قتلوا صاحب لواء المشركين ، وتسعة نفر بعده ؛ فلما اشتغلوا بالغنيمة ، وترك الرماة مركزهم طلباً للغنيمة كان ذلك سبب الهزيمة . والحسّ : الاستئصال بالقتل ، قاله أبو عبيد . يقال : جراد محسوس : إذا قتله البرد ، وسنة حسوس : أي : جدبة تأكل كل شيء . قيل : وأصله من الحسّ الذي هو الإدراك بالحاسة ، فمعنى حسه : أذهب حسه بالقتل ، وتحسونهم : تقتلونهم ، وتستأصلونهم ، قال الشاعر :
حسسناهم بالسيف حسَّاً فأصْبَحت *** بِقيَّتهُم قد شُرِّدوا وتَبَدَّدوا
تَحُسَّهُم السّيوفُ كما تسامىَ *** حَرِيقُ النَّارِ في الأجِمِ الحَصِيدِ
{ بِإِذْنِهِ } أي : بعلمه ، أو بقضائه { حتى إِذَا فَشِلْتُمْ } أي : جبنتم وضعفتم ، قيل : جواب حتى محذوف تقديره امتحنتم ، وقال الفراء : جواب حتى قوله : { وتنازعتم } والواو مقحمة زائدة ، كقوله : { فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ }
[ الصافات : 103 ] وقال أبو علي : يجوز أن يكون الجواب صرفكم عنهم ، وقيل : فيه تقديم وتأخير ، أي : حتى إذا تنازعتم ، وعصيتم فشلتم . وقيل : إن الجواب عصيتم ، والواو مقحمة . وقد جوّز الأخفش مثله في قوله تعالى : { حتى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأرض بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ } [ التوبة : 118 ] ، وقيل : " حتى " بمعنى " إلى " ، وحينئذ لا جواب لها ، والتنازع المذكور هو ما وقع من الرماة حين قال بعضهم : نلحق الغنائم ، وقال بعضهم : نثبت في مكاننا ، كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . ومعنى قوله : { من بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ ما تُحِبُّونَ } ما وقع لهم من النصر في الابتداء في يوم أحد ، كما تقدّم : { مِنكُم من يُرِيدُ الدُّنْيَا } يعني : الغنيمة { وَمِنكُم من يُرِيدُ الآخرة } أي : الأجر بالبقاء في مراكزهم امتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم { ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ } أي : ردّكم الله عنهم بالانهزام بعد أن استوليتم عليهم ليمتحنكم { وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ } لما علم من ندمكم ، فلم يستأصلكم بعد المعصية ، والمخالفة ، والخطاب لجميع المنهزمين ، وقيل : للرماة فقط .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.