التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{وَلَقَدۡ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥٓ إِذۡ تَحُسُّونَهُم بِإِذۡنِهِۦۖ حَتَّىٰٓ إِذَا فَشِلۡتُمۡ وَتَنَٰزَعۡتُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِ وَعَصَيۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَآ أَرَىٰكُم مَّا تُحِبُّونَۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلدُّنۡيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلۡأٓخِرَةَۚ ثُمَّ صَرَفَكُمۡ عَنۡهُمۡ لِيَبۡتَلِيَكُمۡۖ وَلَقَدۡ عَفَا عَنكُمۡۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (152)

{ ولقد صدقكم الله وعده } كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وعد المسلمين عن الله بالنصر فنصرهم الله أولا ، وانهزم المشركون وقتل منهم اثنان وعشرون رجلا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد أمر الرماة أن يثبتوا في مكانهم ولا يبرحوا فلما رأوا المشركين قد انهزموا طمعوا في الغنيمة وأتبعوهم وخالفوا ما أمروا به من الثبوت في مكانهم فانقلبت الهزيمة على المسلمين .

{ إذ تحسونهم } أي : تقتلونهم قتلا ذريعا يعني في أول الأمر .

{ وتنازعتم } وقع النزاع بين الرماة فثبت بعضهم كما أمروا ولم يثبت بعضهم .

{ وعصيتم } أي : خالفتم ما أمرتم به من الثبوت ، وجاءت المخاطبة في هذا لجميع المؤمنين وإن كان المخالف بعضهم وعظا للجميع ، وسترا على من فعل ذلك وجواب إذ محذوف تقديره : لانهزمتم .

{ منكم من يريد الدنيا } الذين حرصوا على الغنيمة معه .

{ ليبتليكم } معناه لينزل بكم ما نزل من القتل والتمحيص .

{ ولقد عفا عنكم } إعلام بأن الذنب كان يستحق أكثر مما نزل بهم لولا عفو الله عنهم ، فمعناه لقد أبقى عليكم ، وقيل : هو عفو عن الذنب .