السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَمَّا جَآءَتۡ رُسُلُنَا لُوطٗا سِيٓءَ بِهِمۡ وَضَاقَ بِهِمۡ ذَرۡعٗا وَقَالَ هَٰذَا يَوۡمٌ عَصِيبٞ} (77)

{ ولما جاءت رسلنا لوطاً } ، أي : هؤلاء الملائكة الذين بشروا إبراهيم بالولد . قال ابن عباس : انطلقوا من عند إبراهيم إلى لوط وهو ابن أخي إبراهيم عليهما الصلاة والسلام وبين القريتين أربعة فراسخ ودخلوا عليه على صورة شباب مرد من بني آدم ، وكانوا في غاية الحسن ، ولم يعرف لوط أنهم ملائكة الله تعالى { سيء بهم } ، أي : حزن بسببهم { وضاق بهم ذرعاً } ، أي : صدراً ، يقال : ضاق ذرع فلان بكذا إذا وقع في مكروه لا يطيق الخروج منه . وذلك أنّ لوطاً نظر إلى حسن وجوههم وطيب روائحهم ، فخاف عليهم خبث قومه وأن يعجز عن مقاومتهم . وقيل : ساءه ذلك لأنه ؛ عرف بالآخرة أنهم ملائكة الله تعالى وأنهم جاؤوا لإهلاك قومه ، فَرَقَّ قلبه على قومه { وقال هذا يوم عصيب } ، أي : شديد كأنه قد عصب به الشرّ والبلاء ، أي : شد به مأخوذ من العصابة التي تشد بها الرأس ، قال قتادة : خرجت الملائكة من عند إبراهيم نحو قرية لوط فأتوا لوطاً نصف النهار وهو في أرض له يعمل فيها ، وروي أنه كان يحتطب وقد قال الله تعالى لهم : لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط أربع شهادات ، فاستضافوه وانطلق بهم ، فلما مضى ساعة قال لهم ما بلغكم من أمر هذه القرية ؟ قالوا : وما أمرهم قال : أشهد بالله أنها لشرّ قرية في الأرض عملاً يقول ذلك أربع مرّات . وروي أنّ الملائكة جاؤوا إلى بيت لوط فوجدوه في داره ولم يعلم بذلك أحد إلا أهل بيت لوط ، فخرجت امرأته فأخبرت قومها وقالت : إنّ في بيت لوط رجالاً ما رأيت مثل وجوههم قط .