فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَقَالَ ٱلۡمَلَؤُاْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ مَا هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيۡكُمۡ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَـٰٓئِكَةٗ مَّا سَمِعۡنَا بِهَٰذَا فِيٓ ءَابَآئِنَا ٱلۡأَوَّلِينَ} (24)

{ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ ( 24 ) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ ( 25 ) قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ ( 26 ) فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ ( 27 ) } .

{ فَقَالَ الْمَلَأُ } أي الأشراف { الَّذِينَ كَفَرُوا } به { مِن قَوْمِهِ } لإتباعهم وحاصل ما ذكروه من الشبه خمسة : أولاها قولهم { مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } أي من جنسكم في البشرية لا فرق بينه وبينكم { يُرِيدُ } أي يطلب { أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ } بأن يسودكم ويتشرف حتى تكونوا تابعين له منقادين لأمره ، ثم صرحوا بأن البشر لا يكون رسولا فقالوا :

{ وَلَوْ شَاء اللَّهُ } إرسال رسول { لَأَنزَلَ } أي لأرسل ملائكة رسلا ، وهي الشبهة الثانية ، وإنما عبر بالإنزال عن الإرسال لأن إرسالهم إلى العباد يستلزم نزولهم إليهم . وقيل معناه لو شاء أن لا يعبد غيره لأنزل { مَلَائِكَةً } لا بشرا { مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا } أي بمثل دعوى هذا المدعي للنبوة من البشر ، أو بمثل كلامه ، وهو الأمر بعبادة الله وحده ، أو ما سمعنا ببشر يدعي هذه الدعوة ، وقيل الباء زائدة ، وهذه هي الشبهة الثالثة ، والعجب منهم أنهم رضوا بالألوهية للحجر ولم يرضوا بالنبوة للبشر فِي { آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ } أي في الأمم الماضية قبل هذا ، قالوا هذا اعتمادا منهم على التقليد واعتصاما بحبله ، ولم يقنعوا بذلك حتى ضموا إليه الكذب البحت والبهت الصراح فقالوا :

{ إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ }