روى الضحاك عن ابن عباس أنه قال : لما عير المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولهم : { ما لهذا الرسول } إلى آخرها أنزل الله تعالى : { وما أرسلنا قبلك } أي : يا أشرف الخلق أحداً { من المرسلين إلا } وحالهم { أنهم ليأكلون الطعام } كما تأكل ويأكل غيرك من الآدمين { ويمشون في الأسواق } كما تفعل فهذه عادة مستمرة من الله تعالى في كل رسله وهم يعلمون ذلك بالسماع من أخبارهم ، وهذا تأكيد من الله تعالى ؛ لأنهم لا يكذبونه صلى الله عليه وسلم وقيل : معنى الآية وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا قد قيل لهم مثل هذا أنهم يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق كما قال تعالى في موضع آخر : { ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك } ( فصلت ، 43 ) { وجعلنا } أي بالعطاء والمنع بما لنا من العظمة { بعضكم } أي : أيها الناس { لبعض فتنة } أي : بلية والمعنى : أنه تعالى ابتلى المرسلين بالمرسل إليهم وبمناصبتهم والعدواة لهم وأقاويلهم الخارجة عن حد الإنصاف ، وجعل الغني فتنة للفقير والصحيح فتنة للمريض والشريف فتنة للوضيع ، يقول الثاني من كل مالي لا أكون كالأول ؟ وقال ابن عباس : جعلت بعضكم بلاءً لبعض لتصبروا على ما تسمعون منهم وترون من خلافهم فتتبعوا الهدى أم لا ، وقال مقاتل : نزلت هذه الآية في أبي جهل والوليد بن عقبة والعاصي بن وائل والنضر بن الحرث ، وذلك أنهم رأوا أبا ذر وابن مسعود وعماراً وبلالاً وصهيباً وعامر بن فهيرة ومن دونهم قد أسلموا قبلهم ، فقالوا : أنسلم ونكون مثل هؤلاء ؟ وقيل : جعلناك فتنة لهم ؛ لأنك لو كنت غنياً صاحب كنوز وجنات لكان ميلهم إليك وطاعتهم لك للدنيا ، فتكون ممزوجة بالدنيا ، وإنما بعثناك فقيراً لتكون طاعة من يطيعك خالصة لوجه الله من غير طمع دنيوي وقوله تعالى : { أتصبرون } أي : على ما تسمعون مما ابتليتم ، به استفهام بمعنى الأمر أي : اصبروا { وكان ربك } أي : المحسن إليك إحساناً لم يحسنه إلى أحد سواك لا سيما بجعلك نبياً عبداً { بصيراً } أي : بكل شيء فهو عالم بالإنسان قبل الامتحان لم يفده ذلك علماً لم يكن عنده ، ولكن يعلم ذلك شهادة كما يعلم علم الغيب ، ولتقوم عليهم بذلك الحجة فلا يضيقن صدرك ولا تستخفنك أقاويلهم ، فإن صبرك عليها سعادتك وفوزك في الدارين .
روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : «إذا نظر أحدكم من فضل عليه في المال والجسم فلينظر إلى من هو دونه في المال والجسم » ، وروي : «انظروا إلى من هو أسفل منكم ، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم حذر أن تزدروا نعمة الله عليكم » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.