السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِذۡ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰٓ أَنِ ٱئۡتِ ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (10)

ولما كان مع ما ذكر في ذكر القصص تسلية لنبينا صلى الله عليه وسلم فيما يقاسيه من الأذى والتكذيب وكان موسى عليه السلام قد اختص بالكتاب الذي ما بعد القرآن مثله والآيات التي ما أتى بمثلها أحد قبله ، بدأ بذكره فقال تعالى : { وإذ } أي : واذكر إذ { نادى ربك } أي : المحسن إليك بكل ما يمكن الإحسان به في هذه الدار ، ثم ذكر المنادى بقوله تعالى : { موسى } أي : حين رأى الشجرة والنار ، واختلف أهل السنة في النداء الذي سمعه موسى عليه السلام أهو الكلام القديم أو صوت من الأصوات ؟ .

قال أبو الحسن الأشعري رضي الله تعالى عنه : هو الكلام القديم فكما أن ذاته تعالى لا تشبه سائر الذوات مع أن الدليل دال على أنها معلومة ومرئية في الآخرة من غير كيف ولا جهة فكذا كلامه منزه عن مشابهة الحرف والصوت مع أنه مسموع .

وقال الماتريدي : هو من جنس الحروف والأصوات ، وأما المعتزلة : فقد اتفقوا على أن ذلك النداء كان بحروف وأصوات علم به موسى من قبل الله تعالى فصار معجزاً علم به موسى أن الله تعالى مخاطباً له فلم يحتج مع ذلك لواسطة ، ثم ذكر تعالى ما له النداء بقوله تعالى : { أن } أي : بأن { أئت القوم } أي : الذين فيهم قوة وأيًّ قوة { الظالمين } رسولاً ، ووصفهم بالظلم لكفرهم ، واستعبادهم بني إسرائيل وذبح أولادهم .