السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (102)

{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته } أي : واجب تقواه وما يحق منها وهو القيام بالواجب واجتناب المحارم . وقال ابن مسعود : بأن يطاع فلا يعصى ويشكر فلا يكفر ويذكر فلا ينسى .

وروي مرفوعاً لما نزلت هذه الآية ( قالت الصحابة رضي الله تعالى عنهم : يا رسول الله من يقوى على هذا ؟ فنسخ بقوله تعالى : { فاتقوا الله ما استطعتم } . وقال مقاتل : ليس في آل عمران منسوخ إلا هذه الآية { ولا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون } أي : موحدون والمعنى : لا تكونن على حال سوى حالة الإسلام إذا أدرككم الموت ، فإنّ النهي عن المقيد بحال أو غيرها قد يتوجه بالذات إلى القيل تارة وإلى المقيد أخرى وإلى المجموع منهما وهو هنا إلى المقيد كما تقول لمن تستعين به على لقاء العدوّ ولا تأتني إلا وأنت على حصان بكسر الحاء فلا تناه عن الإتيان ولكنك تنهاه عن خلاف الحال التي شرطت عليه في وقت الإتيان ، فالنهي هما متوجه إلى القيد وحده ، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ، الآية فلو أنّ قطرة من الزقوم قطرت على الأرض لأمرّت على أهل الدنيا معيشتهم فكيف بمن هو طعامهم وليس لهم طعام غيره ) .