الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (102)

وقوله تعالى : { يا أيها الذين ءامَنُواْ اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ }[ آل عمران :102 ] . قال ابن مسعود : ( حَقَّ تُقَاتِهِ ) هو أنْ يُطَاع فلا يعصى ، وأنْ يُذْكَر فلا ينسى ، وأنْ يُشْكَر فلا يُكْفَر ، وكذلك عَبَّر الرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَم ، وقتادةُ ، والحَسَنُ ، قالتْ فرقة : نزلَتِ الآيةُ على عمومِ لفظها ، مِنْ لزومِ غاية التقوى ، حتى لا يقع الإخْلاَلُ في شَيْء من الأشياءِ ، ثم نُسِخَ ذلك ، بقوله تعالى : { فاتقوا الله مَا استطعتم } [ التغابن : 16 ] ، وبقوله : { لاَ يُكَلّفُ الله نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } [ البقرة : 286 ] وقالت جماعة : لاَ نَسْخَ هنا ، وإنَّما المعنى : اتقوا اللَّهَ حَقَّ تقاته ، فِي ما استطعتم ، وهذا هو الصحيحُ ، وخرَّج الترمذيُّ ، عن ابن عَبَّاس ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ ، وهي : { اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }[ آل عمران :102 ] قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنَ الزَّقُّومِ قُطِرَتْ فِي الدُّنْيَا ، لأفْسَدَتْ على أَهْلِ الدُّنْيَا مَعَايِشَهُمْ ، فَكيْفَ بِمَنْ يَكُونُ طَعَامَهُ ) قال أبو عيسى : هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ ، وخرَّجه ابنُ ماجة أيضاً ، اه .

وقوله تعالى : { وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }[ آل عمران :102 ] .

معناه : دُومُوا على الإسلام ، حتى يوافيكم المَوْتُ ، وأنتم علَيْه ، والحَبْلُ في هذه الآيةِ مستعارٌ ، قال ابنُ مسعودٍ : حبْلُ اللَّهِ الجماعةُ .