غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (102)

102

التفسير : إنه سبحانه لما حذر المؤمنين إضلال الكفار أمرهم في هذه الآيات بمجامع الطاعات ومعاقد الخيرات ، فأولها لزوم سيرة التقوى . عن ابن عباس : لما نزلت { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته } وهو أن يطاع فلا يعصى طرفة عين ، وأن يشكر فلا يكفر ، وأن يذكر فلا ينسى . أو هو القيام بالمواجب كلها والاجتناب عن المحارم بأسرها ، وأن لا يأخذه في الله لومة لائم ، ويقول بالقسط ولو على نفسه أو الوالدين والأقربين ، شق ذلك على المسلمين فنزلت { فاتقوا الله ما استطعتم }[ التغابن :16 ] والجمهور على أنها منسوخة لأن معنى { حق تقاته } واجب تقواه وكما يحق أن يتقى وهو أن يجتنب جميع معاصيه ، ومثل هذا لا يجوز أن ينسخ وإلا كان إباحة لبعض المعاصي . ولا يجوز أن يراد بقوله : { حق تقاته } ما لا يستطاع من التكاليف كالصادر على سبيل الخطأ والسهو والنسيان لقوله :{ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها }[ البقرة :286 ] فعلى هذا لم يبق فرق بين الآيتين . ولناصر القول الأول أن يقول : إن كنه الإلهية غير معلوم للخلق ، فلا يكون كمال قهره وقدرته وعزته معلوماً فلا يحصل الخوف اللائق بذلك فلا يحصل حق الاتقاء ، وإذا كان كذلك فيجوز أن يؤمر بالاتقاء الأغلظ والأخف ، ثم ينسخ الأغلظ ويبقى الأخف ، ونزول هذه الآية بعد قوله :{ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها }[ البقرة :286 ] ممنوع { ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } ليس نهياً عن الموت وإنما هو نهي عن أن يدركهم الموت على خلاف حال الإسلام وقد مر في البقرة مثله .

/خ111