فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (102)

قوله : { اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ } أي : التقوى التي تحق له ، وهي : أن لا يترك العبد شيئاً مما يلزمه فعله ، ولا يفعل شيئاً مما يلزمه تركه ، ويبذل في ذلك جهده ، ومستطاعه .

قال القرطبي : ذكر المفسرون أنها لما نزلت هذه الآية قالوا : يا رسول الله من يقوى على هذا ؟ وشق عليهم ذلك ، فأنزل الله : { فاتقوا الله مَا استطعتم } [ التغابن : 16 ] فنسخت هذه الآية . روي ذلك عن قتادة ، والربيع ، وابن زيد . قال مقاتل : وليس في آل عمران من المنسوخ شيء إلا هذا . وقيل : إن قوله : { اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ } مبين بقوله : { فاتقوا الله مَا استطعتم } والمعنى : اتقوا الله حق تقاته ما استطعتم . قال : وهذا أصوب ؛ لأن النسخ إنما يكون عند عدم الجمع ، والجمع ممكن ، فهو أولى . قوله : { وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مسْلِمُونَ } أي : لا تكونن على حال سوى حال الإسلام ، فالاستثناء مفرغ ، ومحل الجملة : أعني : قوله : { وَأَنتُم مسْلِمُونَ } النصب على الحال ، وقد تقدم في البقرة تفسير مثل هذه الآية .

/خ103