{ يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ } .
قال مقاتل بن حيان : " كان بين الأوس والخزرج في الجاهلية وصال حتى هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فأصلح بينهم ، فافتخر بعد ذلك منهم رجلان : ثعلبة بن غنم من الأوس وأسعد بن زرارة من الخزرج ، فقال الأوسي : منّا خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ، ومنّا حنظلة غسيل الملائكة ، ومنّا عاصم بن ثابت بن أفلح حمي الدين ، ومنّا سعد بن معاذ الذي اهتز عرش الرحمة له ورضى الله بحكمه في بني قريظة ، وقال الخزرجي : منّا أربعة أحكموا القرآن : أُبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد ، ومنّا سعد بن عبادة خطيب الأنصار ورئيسهم فجرى الكلام بينهما فغضبا ، فقال الخزرجي : أما والله لو تأخر الإسلام قليلا وقدوم النبي صلى الله عليه وسلم لقتلنا ساداتكم ، واستعبدنا آبائكم ونكحنا نسائكم بغير مهر .
فقال الأوسي : قد كان الإسلام متأخراً زماناً طويلا فهلاّ فعلتم ذلك ، فقد ضربناكم حتى أدخلناكم الديار ، وأنشدا الأشعار وتفاخرا وتأذيا ، فجاء الأوس إلى الأوسي والخزرج إلى الخزرجي ومعهم سلاح ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فركب حماراً وأتاهم فأنزل الله تعالى هذه الآية { يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ } الآيات ، فقرأها عليهم فاصطلحوا " .
وقال عطاء : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر وقال : " يا معشر المسلمين مالي أُوذى في أهلي " يعني الطعن في قصة الإفك ، وقال : " ما علمت على أهلي إلاّ خيراً ، ولقد ذكروا رجلا ما علمت منه إلاّ خيراً وما كان يدخل على أهلي إلاّ معي " .
فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال : أنا أعذرك منه يا رسول الله وأكفيك أمره وأنصرك عليه ، إن كان من الأوس ضربت عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك .
فقام سعد بن عبادة وهو سيّد الخزرج وكان رجلا صالحاً ولكنه احتملته الحمية فقال لسعد ابن معاذ : كذبت لعمر الله . فقال سعد : والله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين فثار الأوس والخزرج حتى همّوا أن يقتتلوا ودعوا بالسلاح ، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكنوا ، فأنزل الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته } " .
عن عبد الله قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " { حَقَّ تُقَاتِهِ } أن يطاع فلا يعصى وأن يذكر فلا ينسى وأن يُشكر فلا يُكفر " " .
وقال أبو عثمان : أن لا يعصى طرفة عين .
ولا تأخذكم في الله لومة لائم وتقوموا لله بالقسط ولو على أنفسكم وآبائكم وأبناءكم .
الحسن : هو أن تعطيه فيما تعبده .
قال الزجاج : أي اتقوا فيما يحق عليكم أن تتقوه واسمعوا وأطيعوا .
قال المفسرون : فلما نزلت هذه الآية قالوا : يا رسول الله ومن يقوى على هذا وشق عليهم فأنزل الله تعالى
{ فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } [ التغابن : 16 ] فنسخت هذه الآية .
قال مقاتل : وليس في آل عمران من المنسوخ إلاّ هذا .
{ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ } .
قال طاوس : معناه اتقوا الله حق تقاته وإن لم تفعلوا ولم تستطيعوا ، { وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ } أي مؤمنون .
وقيل : مخلصون مفوضون أموركم إلى الله عزّ وجلّ .
وقال المفضل : المحسنون الظن بالله .
وروى الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ } فلو أن قطرة من الزقوم قطرت في الأرض لأمرّت على أهل الأرض معيشتهم فكيف بمن هو طعامه " .
وعن أنس بن مالك قال : لا يتقي الله عبد حق تقاته حتى يخزن من لسانه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.