قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ) يأمر الله المؤمنين وأن يخافون وأن يراقبوه في السر والعلن فيطيعوه تمام الطاعة ويجتنبوا معاصيه تمام الاجتناب . قال ابن مسعود في تأويل قوله : ( اتقوا الله حق تقاته ) أي أن يطاع فلا يعصى ، وأن يذكر فلا ينسى ، وأن يشكر فلا يكفر . وقد رواه الحاكم في مستدركه عن ابن مسعود مرفوعا . قال ابن كثير : والأظهر أنه موقوف والله أعلم .
والتقوى في حقيقة مدلولها الإسلامي ، هي حالة من كمال الخوف من الله ، وما يستتبعه ذلك من كمال الوازع الديني الذي يغشى الجهاز النفسي كله لينشر فيه الشفافية وأقصى الدرجات من رهافة الحس والوجدان . ويستلزم ذلك بالضرورة أن تنقاد الجوارح لعمل الطاعات وتستعصم عن فعل المنهيات والمنكرات ، لا جرم أن هذه الصفات النفسية والروحية والبدنية جد عسيرة ، حتى إنها لتعز على التطبيق والعمل إلا قليلا ، بل إنها لا يطيقها من الناس غير لفيف قليل مميز من الصالحين الأبرار . ويؤيد هذه الحقيقة ما روي عن أنس أنه قال : لا يتقي العبد الله حق تقاته حتى يحزن لسانه{[553]} .
وقد روي عن جماعة من أهل العلم إلى أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) وعن ابن عباس في قوله تعالى : ( اتقوا الله حق تقاته ) قال : لم تنسخ . ولكن ( حق تقاته ) أن يجاهدوا في سبيله حق جهاده ولا تأخذهم في الله لومة لائم ويقوموا بالقسط ولو على أنفسهم وآبائهم وأبنائهم .
وقوله : ( ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) النهي في ظاهره واقع على الموت وليس هو المقصود ، بل الأمر بالإقامة على الإسلام هو المقصود ، أي لا تكونن على حال سوى حال الإسلام إذا أدرككم الموت .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.