السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تُتۡرَكُواْ وَلَمَّا يَعۡلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ مِنكُمۡ وَلَمۡ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَا رَسُولِهِۦ وَلَا ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَلِيجَةٗۚ وَٱللَّهُ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (16)

{ أم حسبتم } أي : أظننتم { أن تتركوا } فلا تؤمروا بالجهاد ولا تمتحنوا ليظهر الصادق من الكاذب ، والخطاب للمؤمنين حين كره بعضهم القتال ، وقيل للمنافقين . وأم : بمعنى همزة الإنكار . { ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم } أي : علماً ظاهراً تقوم به الحجة عليكم في مجاري عاداتكم على مقتضى عقولكم بأن يقع الجهاد في الواقع بالفعل ، وعبر تعالى بلما دون لم لدلالتها مع استغراق الزمان على أن تبين ما بعدها متوقع كائن ، وقوله تعالى : { ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة } عطف على جاهدوا داخل في حيز الصلة كأنه قيل : ولما يعلم الله المجاهدين منكم والمخلصين غير المتخذي وليجة من دون الله . والوليجة : فعيلة من ولج كالدخيلة من دخل ، وهي البطانة من المشركين يتخذونهم يفشون إليهم أسرارهم ، وقال قتادة : هي الخيانة . وقال عطاء : هي الأولياء . { والله خبير بما تعملون } من مولاة المشركين وغيرها ، فيجازيكم عليه .

قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : ولما أسر العباس يوم بدر عيره المسلمون بالكفر وقطيعة الرحم وأغلظ عليّ رضي الله عنه عليه القول ، فقال العباس : ما لكم تذكرون مساوينا ولا تذكرون محاسننا ؟ فقال له عليّ : وهل لكم محاسن ؟ قال : نعم نحن أفضل منكم إنا لنعمر المسجد الحرام ونحجب الكعبة ونسقي الحجيج ونفك العاني يعني الأسير فأنزل الله تعالى رداً على العباس .