الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا رَأَوُاْ ٱلۡأٓيَٰتِ لَيَسۡجُنُنَّهُۥ حَتَّىٰ حِينٖ} (35)

{ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ } أي العزيز وأصحابه ، في الرأي { مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ } الدّالة على براءة يوسف ، وهي قدّ القميص من دُبر وخمش في الوجه وتقطيع النسوة أيديهنّ { لَيَسْجُنُنَّهُ } قال الفرّاء : هذه اللام في اليمين وفي كلّ مضارع القول كقوله تعالى :

{ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ } [ البقرة : 102 ]

{ وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } [ فصلت : 48 ] دخلتهما ( اللام وما ) لأنّهما في معنى القول واليمين .

{ حَتَّى حِينٍ } يعني إلى الوقت الذي يرون فيه رأيهم .

قال عِكْرمة : تسع سنين ، الكلبي : خمس سنين ، و( حتى ) بمعنى ( إلى ) كقوله تعالى :

{ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } [ القدر : 5 ] ، وقال السدّي : وذلك أنّ المرأة قالت لزوجها : إنّ هذا العبد العبراني قد فضحني في الناس ، يعتذر إليهم ويخبرهم أنّي راودته عن نفسه ، ولستُ أُطيق أن أعتذر بعُذري ، فإمّا أن تأذن لي فأخرج فأعتذر ، وأمّا أن تحبسوه كما حبستني ، فحبسه بعد علمه ببراءته ، وذكر أنّ الله تعالى جعل ذلك الحبس تطهيراً ليوسف من همّته بالمرأة وتكفيراً لزلّته .

قال ابن عباس : عثر يوسف ثلاث عثرات : حين همّ بها فسجن ، وحين قال : { اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ } ، وحين قال لهم : { إنّكُمْ لَسارِقُوْنَ } فَقَالوا { إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أخٌ لَهُ مِن قَبْل } .