الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا رَأَوُاْ ٱلۡأٓيَٰتِ لَيَسۡجُنُنَّهُۥ حَتَّىٰ حِينٖ} (35)

وقوله سبحانه : { ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُا الآيات لَيَسْجُنُنَّهُ حتى حِينٍ } [ يوسف : 35 ] .

{ بَدَا } معناه : ظهر ، ولما أبَى يوسُفُ عليه السلام من المعصية ، وَيَئِسَتْ منه امرأة العزيزِ ، طالبته بأَنْ قالتْ لزوجها : إِنَّ هذا الغُلاَمَ العِبْرَانِيَّ قد فَضَحَنِي في النَّاس ، وهو يَعْتَذِرُ إِليهم ، ويَصِفُ الأَمْرَ بحَسَب اختياره ، وأنا محبوسَةٌ محجوبَةٌ ، فإِما أَذنْتَ لي ، فخرجْتُ إِلى الناس ، فاعتذرت وكذَّبته ، وإِما حَبَسْتَه كما أنا محبوسةٌ ، فحينئذٍ بَدَا لَهُمْ سَجْنُهُ .

( ع ) : و { لَيَسْجُنُنَّهُ } : جملة دخَلَتْ عليها لام قسمٍ ، و{ الآيات } : ذكر فيها أهْلُ التفسير ؛ أنها قَدُّ القميص ، وخَمْشُ الوجهِ ، وحَزُّ النساءِ أيديَهُنَّ ، وكلامُ الصبيِّ ؛ على ما رُوِيَ .

قال ( ع ) : ومَقْصِدُ الكلامِ إِنما هو أنهم رَأَوْا سَجْنه بعد ظهورِ الآياتِ المُبَرِّئة له مِنَ التهْمة ، فهكذا يَبِينُ ظُلْمُهم لَهُ وَال{ حِينٍ } ؛ في كلام العرب ، وفي هذه الآية الوَقْت من الزمان غَير محدودٍ يقع للقليلِ والكثيرِ ، وذلك بَيِّن من موارده في القرآن .