{ يَمْحُواْ اللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ } .
قرأ حميد وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب : ويثبت بالتخفيف .
وقرأ الآخرون : بالتثقيل واختاره أبو عبيد لكثرة من قرأها ولقوله تعالى
{ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ } [ إبراهيم : 27 ] .
واختلف المفسرون في معنى الآية ، فروى نافع عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يمحو الله ما يشاء إلاّ الشقاوة والسعادة والموت " .
وعن ابن عباس قال : يمحو الله ما يشاء إلا أشياء : الخَلْق والخُلْق والرزق والأجل والسعادة والشقاوة .
عكرمة عنه هما كتابان سوى أم الكتاب يمحو الله فهما ما يشاء ويثبت { وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ } الذي لا يغير منه شيء .
أبو صالح والضحاك : يمحو الله ما يشاء من ديوان الحفظة ما ليس فيه ثواب ولا عقاب ويثبت ما فيه ثواب وعقاب .
وروى عفان عن همام عن الكلبي : يمحو الله ما يشاء ويثبت . قال : يمحو من الرزق ويزيد فيه ويمحو من الأجل ويزيد فيه . قلت من حدثك ؟
قال أبو صالح عن جابر بن عبد الله بن رئاب الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم فقدم الكلبي بعد فسئل عن هذه الآية فقال : حتى إذا كان يوم الخميس يطرح منه كل شيء ليس فيه ثواب ولا عقاب . مثل قولك أكلت ، شربت ، دخلت ، خرجت ونحوها من الكلام وهو صادق ، ويثبت ما كان فيه الثواب وعليه العقاب .
وقال بعضهم : يمحو الله ما يشاء ويثبت كل ما يشاء [ من ] غير استثناء كما حكى الكلبي عن راذان عن جابر عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) .
روى أبو عثمان النهدي : أنّ عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) كان يطوف بالبيت السبت وهو يبكي ويقول : اللهم إن كنت كتبتني في أهل السعادة فإن كنت كتبت عليَّ الذنب والشقوة فامحني وأثبتني في أهل السعادة والمغفرة ، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أُم الكتاب .
ابن مسعود : إنه كان يقول : اللهم إن كنت كتبتني في السعداء فأثبتني فيهم وإن كنت كتبتني في الأشقياء فامحني من الأشقياء وأثبتني في السعداء فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أُم الكتاب .
وروى حماد بن أبي حمزة عن إبراهيم : أن كعباً قال لعمر ( رضي الله عنه ) : يا أمير المؤمنين لولا اية في كتاب الله لأُنبئنك بما هو كائن إلى يوم القيامة .
قال : وما هو ؟ قال : قول الله تعالى { يَمْحُواْ اللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ } .
وروى عطية عن ابن عباس : في هذه الآية قال : هو الرجل يعمل للزمان بطاعة الله ثم يعود لمعصية الله فيموت على ضلالة فهو الذي يمحو ، والذي يثبت الرجل الذي عمل بطاعة الله وقد كان يقول : خير أُمتي يموت وهو في طاعة الله ، فهو الذي يثبت .
قال علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) : يمحو الله ما يشاء من القرون ويثبت ما يشاء منها كقوله :
{ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ الْقُرُونِ } [ يس : 31 ] وقوله
{ ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ } [ المؤمنون : 31 ] .
سعيد بن جبير وقتادة : يمحو الله ما يشاء من الشرائع والفرائض فينسخه ويبدله ويثبت ما يشاء وما ينسخه .
الحسن : لكل أجل كتاب يعني آجال بني آدم في كتاب يمحو الله ما يشاء من جاء أجله فيذهب به ويثبت من لم يجىء أجله إلى أجله .
مجاهد وابن قيس : حين ما أنزل { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ } [ الرعد : 38 ] ما نراك يا محمد تملك من شيء ولقد فرع من أمره . فأنزلت هذه الآية تخويفاً ووعداً لهم أي إن يشاء أحدثها من أمر . قاله بأشياء ويحدث في كل رمضان في ليلة القدر فيمحوا ويثبت ما يشاء من أرزاق الناس ومصائبهم وما يعطيهم وينسئهم له .
محمد بن كعب القرظي : إذا ولد الإنسان . أثبت أجله ورزقه وإذا مات محى أجله ورزقه .
وروى سعيد بن جبير : يمحو الله ما يشاء من ذنوب عباده فيغفرها ويثبت ما يشاء بتركها فلا يغفرها .
عكرمة : يمحو الله ما يشاء يعني بالتوبة جميع الذنوب ويثبت بدل الذنوب حسنات فإنه
{ إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } [ الفرقان : 70 ] .
وروى عن الحسن أيضاً : يمحو الله ما يشاء يعني الآباء ويثبت يعني الأبناء .
السدي : يمحو الله ما يشاء يعني القمر ويثبت يعني الشمس .
{ فَمَحَوْنَآ آيَةَ الَّيْلِ وَجَعَلْنَآ آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً } [ الإسراء : 12 ] .
ربيع : هذا في الأرواح في حال النوم يقبضها عند النوم فمن أراد موته محا وأمسكه ومن أراد بقاءه أثبته ورده إلى صاحبه .
بيانه قوله{ اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى }
وقيل : يمحو الله ما يشاء الدنيا ويثبت الآخرة .
وروى محمد بن كعب القرظي عن فضالة بن عبيد عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إن الله يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل ، في الساعة الأُولى منهن ينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه آخر غيره ، فيمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء " .
ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال : إن لله لوحاً محفوظاً مسيرة خمسمائة عام من درة جنانها رمان من ياقوت ولله في كل يوم ثلاثمائة وستون لحظة يمحو منها ما يشاء ويثبت وعنده أُم الكتاب .
قال قيس بن عباد : العاشر من رجب هو يوم يمحو الله فيه ما يشاء ويثبت وعنده أُم الكتاب يعني اللوح المحفوظ الذي لا يغير ولا يبدل .
قال قتادة والضحاك : حلية الكتاب وأصله فيه ما يمحو ويثبت .
فسأل ابن عباس كذا عن أُم الكتاب .
قال : يعلم الله ما هو خالق وما خلقه عاملون فقال لعلمه : كن كتابا فكان كتابا
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.