{ يَمْحُو الله مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ } أي : يمحو من ذلك الكتاب ويثبت ما يشاء منه ، يقال : محوت الكتاب محواً إذا أذهبت أثره . قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم { ويثبت } بالتخفيف ، وقرأ الباقون بالتشديد ، واختار هذه القراءة أبو حاتم وأبو عبيد ، وظاهر النظم القرآني العموم في كل شيء مما في الكتاب ، فيمحو ما يشاء محوه من شقاوة أو سعادة أو رزق أو عمر ، أو خير أو شرّ ، ويبدل هذا بهذا ، ويجعل هذا مكان هذا { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْألُونَ } [ الأنبياء : 23 ] وإلى هذا ذهب عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن مسعود ، وابن عباس ، وأبو وائل ، وقتادة ، والضحاك ، وابن جريج وغيرهم . وقيل : الآية خاصة بالسعادة والشقاوة . وقيل : يمحو ما يشاء من ديوان الحفظة ، وهو ما ليس فيه ثواب ولا عقاب ، ويثبت ما فيه الثواب والعقاب ؛ وقيل : يمحو ما يشاء من الرزق ، وقيل يمحو من الأجل . وقيل : يمحو ما يشاء من الشرائع فينسخه ويثبت ما يشاء فلا ينسخه . وقيل : يمحو ما يشاء من ذنوب عباده ويترك ما يشاء . وقيل : يمحو ما يشاء من الذنوب بالتوبة ، ويترك ما يشاء منها مع عدم التوبة ؛ وقيل : يمحو الآباء ويثبت الأبناء ؛ وقيل : يمحو القمر ويثبت الشمس كقوله : { فَمَحَوْنَا آيَةَ الليل وَجَعَلْنَا ءايَةَ النهار مُبْصِرَةً } [ الإسراء : 12 ] وقيل : يمحو ما يشاء من الأرواح التي يقبضها حال النوم فيميت صاحبه ويثبت ما يشاء فيردّه إلى صاحبه ؛ وقيل : يمحو ما يشاء من القرون ويثبت ما يشاء منها ؛ وقيل : يمحو الدنيا ويثبت الآخرة ؛ وقيل : غير ذلك مما لا حاجة إلى ذكره ، والأوّل أولى كما تفيده " ما " في قوله ؛ { ما يشاء } من العموم مع تقدم ذكر الكتاب في قوله : { لِكُلّ أَجَلٍ كِتَابٌ } ومع قوله : { وَعِندَهُ أُمُّ الكتاب } أي : أصله ، وهو اللوح المحفوظ ، فالمراد من الآية أنه يمحو ما يشاء مما في اللوح المحفوظ فيكون كالعدم ، ويثبت ما يشاء مما فيه فيجري فيه قضاؤه وقدره على حسب ما تقتضيه مشيئته ، وهذا لا ينافي ما ثبت عنه من قوله صلى الله عليه وسلم : «جفّ القلم » ، وذلك لأن المحو والإثبات هو من جملة ما قضاه الله سبحانه . وقيل : إن أم الكتاب هو علم الله تعالى بما خلق وما هو خالق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.