الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِۦٓ أَعۡمَىٰ فَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ أَعۡمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلٗا} (72)

{ فِي هَذِهِ أَعْمَى } اختلفوا في هذه الاشارة .

فقال قوم : هي راجعة إلى النعم التي عددها الله في هذه الآيات .

عكرمة : جاء نفر من أهل اليمن إلى ابن عبّاس فسأله رجل عن هذه الآية فقال : إقرأ ماقبلها { رَّبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ } إلى قول الله { سَبِيلاً } فقال ابن عبّاس : من كان في هذه النعم التي رأى وعاين أعمى فهو في أمر الآخرة التي لم ير ولم يعاين أعمى وأضل سبيلاً .

وقال آخرون : هي راجعة إلى الدنيا يقول من كان في هذه الدنيا أعمى عن قدرة الله وآياته فهو في الآخرة أعمى .

وقال أبو بكر الوراق : من كان في هذه الدنيا أعمى عن حجته فهو في الآخرة أعمى عن جنته .

وقال الحسن : من كان في الدنيا ضالاً كافراً فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً ، لأنه لم يتب في الدنيا ففي الآخرة لا تقبل توبته .

واختلف القراء في هذين الحرفين . فأمالها أهل الكوفة وفخمها الآخرون .

وأمّا أبو عمرو فكان يكسر الأول ويفتح الآخر يعني فهو في الآخرة أشد عمي لقوله : { وَأَضَلُّ سَبِيلاً } هي اختيار أبي عبيدة .

قال الفراء : حدثني بالشام شيخ من أهل البصرة إنه سمع من العرب تقول : ما أسود شعره .

قال الشاعر :

أما الملوك فأنت اليوم الأمم *** لؤماً وأبيضهم سربال طباخ