{ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ } .
قال ابن عباس والحسين وقتادة : ذلك الكافر اتخذ دينه ما يهواه ، فلا يهوى شيئاً إلاّ ركبه ، إِنّه لا يؤمن بالله ولا يخافه ولا يحرم ما حرم الله ولا يحل ما أحل الله ، إنّما دينه ما هويت نفسه يعمل به ولا يحجزه عن ذلك تقوى .
وقال آخرون : معناه أفرأيت من إتخذ معبوده هواه ، فيعبد ما يهوى .
قال سعيد بن جبير : كانت قريش تعبد العُزي وهو حجر أبيض حيناً من الدهر ، وكانت العرب تعبد الحجارة والذهب والفضة ، فإذا وجدوا شيئاً أحسن من الأول رموه أو كسروه أو ألقوه في بئر ، وعبدوا الآخر ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .
وقال مقاتل : نزلت في الحارث بن قيس التميمي أحد المستهترين ، وذلك أنّه كان يعبد ما تهواه نفسه .
أخبرنا ابن فنجويه ، حدثنا طلحة وعبيد الله ، قالا : حدثنا ابن مجاهد ، حدثني ابن أبي مهران ، حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر ، قال : قال سفيان بن عيينة : إنّما عبدوا الحجارة ؛ لإنّ البيت حجارة .
وقال الحسين بن الفضل : في هذه الآية تقديم وتأخير مجازها : أَفرأيت من اتخذ هواه إلهه .
أخبرنا ابن فنجويه ، حدثنا عبيد الله بن محمد بن شنبه ، حدثنا محمد بن عمران بن هارون ، حدثنا أبو عبيد الله المخزومي ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن شبرمه ، عن الشعبي ، قال : إنّما سمي الهوى ؛ لإنّه يهوي بصاحبه في النّار .
وبه عن سفيان ، عن سليمان الأحول ، عن طاووس ، عن ابن عباس ، قال : ما ذكر الله عز وجل هوى في القرآن إلاَّ ذمه .
فروى أبو أُمامة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه ، قال : " ما عبد تحت السّماء إله أبغض إلى الله من هوى " .
وقال صلى الله عليه وسلم : " ثلاث مهلكات : شح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه " .
وروى ضمرة بن حبيب ، عن شداد بن أوس أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والفاجر من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله " .
وقال مضر القاضي : لنحت الجبال بالأظافير حتّى تتقطع الأوصال ، أهون من مخالفة الهوى إذا تمكن في النفوس .
وسئل ابن المقفع عن الهوى ، فقال : هوانٌ سرقت نونه ، فنظمه الشاعر :
نون الهوان من الهوى مسروقة *** فاذا هويت فقد لقيت هوانا
إنّ الهوى لهو الهوان بعينه *** فإذا هويت فقد كسبت هوانا
وإذا هويت فقد تعبدك الهوى *** فاخضع لحبّك كائناً من كانا
أنشدنا أبو القاسم الحبيبي ، أنشدنا أبو حاتم محمّد بن حيان المسني ، قال : ولم ار أكمل منه . قال : وأنشدنا محمد بن علي الحلاري لعبد الله المبرك :
ومن البلاء للبلاء علامة *** أن لا يرى لك عن هواك نزوع
العبد عبد النفس في شهواتها *** والحر يشبع تارة ويجوع
وأنشدنا أبو القاسم الحسن بن محمد الحبيبي ، أنشدنا أبو الحسن عيسى بن زيد العقيلي ، أنشدنا أبو المثنى معاذ بن المثنى العنبري ، عن أبيه لأبي العتاهية :
فاعص هوى النفس ولا ترضها *** إنك إن أسخطتها زانكا
حتّى متى تطلب مرضاتها *** وإنّها تطلب عدوانكا
وأنشدنا أبو القاسم الحبيبي ، أنشدنا أبو عبيد الطوسي :
والنفس إن أعطيتها مناها *** فاغرة نحو هواها فاها
وسمعت أبا القاسم يقول : سمعت أبا نصر بن منصور بن عبد الله الأصبهاني بهراة يقول : سمعت أبا الحسن عمرو بن واصل البحتري يقول : سئل سهل بن عبد الله التستري عن الهوى ؛ فقال للسائل : هواك يأمرك فإن خالفته فرّط بك ، وقال : إذا عرض لك أمران شككت خيرها فانظر أبعدهما من هواك فإنه .
وأنشدنا أبو القاسم الحبيبي ، أنشدنا الإمام أبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل القفال المشاشي بمرو وأنشدني أبو بكر الزيدي :
إذا طالبتك النفس يوماً بشهوة *** وكان إليها للخلاف طريق
فدعها وخالف ما هويت فإنما *** هواك عدوٌّ والخلاف صديق
قوله سبحانه وتعالى : { وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ } منه بعاقبة أمره . { وَخَتَمَ } طبع . { عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً } قرأ حمزة والكسائي وخلف ( غِشَاوَةً ) بفتح ( الغين ) من غير ( ألف ) والباقون { غِشَاوَةً } ( بالألف ) وكسر ( الغين ) . { فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.