فقال الله لإبليس حين امتنع من السجود لآدم { قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ } قال بعضهم : لا زائدة [ وإن صلة ] تقدير الكلام : ما منعك السجود لآدم ، لأن المنع يتعدّى إلى مفعولين قال الله عزّ وجلّ :
{ وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } [ الأنبياء : 95 ] .
ويلحينني في اللهو أن لا أحبه *** وللهو داع دائب غير غافل
فما ألوم البيض أن لا تسخروا *** لما رأيتي الشمط القفندرا
أبى جوده لا البخل واستعجلت به *** نعم الفتى لا يمنع الجود قاتله
سمعت أبا القاسم الحبيبي يقول : سمعت أبا الهيثم الجهني يحكي عن أحمد بن يحيى ثعلب قال : كان بعضهم يكره القالا ، وتناول في المنع بمعنى القول ، لأن القول والفعل يمنعان ، وتقديره : من قال لك لا تسجد . قال بعضهم : معنى المنع الحول بين المرء وما يريد . والممنوع مضطر إلى خلاف ما منع منه فكأنّه قال : أي شيء اضطرّك إلى أن لا تسجد .
{ إِذْ أَمَرْتُكَ } قال إبليس مجيباً له { قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ } لأنّك { خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ } والنار خير وأفضل واصفى وأنور من الطين قال ابن عباس : أوّل مَنْ قاس إبليس . فأخطأ القياس فمَنْ قاس الدين بشيء من رأيه قرنه مع إبليس .
وقال ابن سيرين : أوّل مَنْ [ قاس ] إبليس ، وما عبدت الشمس والقمر إلاّ بالمقاييس .
وقالت الحكماء : أخطأ عدو الله حين فضّل النار على الطين ، لأن الطين أفضل من النار من وجوه :
أحدها : إنّ من جوهر الطين الرزانة والسكون والوقار والاناة والحُلم والحياء والصبر ، وذلك هو الداعي لآدم في السعادة التي [ سبقت ] له إلى التوبة والتواضع والتضرّع وأدرته المغفرة والاجتباء والهداية والتوبة ومن جوهر النار الخفّة والطيش والحدّة والارتفاع والاضطراب ، وذلك الداعي لإبليس بعد الشقاوة التي سيقت له إلى الاستكبار والاصرار فأدركه الهلاك والعذاب واللعنة والشقاق .
والثاني : إنّ الطين سبب جمع الأشياء والنار سبب تفريقها .
والثالث : إن الخبر ناطق بأن تراب الجنّة مسك أذفر ولم ينطق الخبر بأن في الجنة ناراً وفي النار تراباً .
والرابع : إن النار سبب العذاب وهي عذاب الله لإعدائه وليس التراب سبباً للعذاب .
والخامس : إنّ الطين [ يُسقى ] من النار والنار محتاجة إلى المكان ومكانها التراب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.