التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلۡأٓخِرَةِ نَزِدۡ لَهُۥ فِي حَرۡثِهِۦۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلدُّنۡيَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} (20)

ثم حكى - تعالى - سنته التى لا تتخلف فقال : { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخرة نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ } .

والحرث فى الأصل ؛ مصدر بمعنى إلقاء البذور فى الأرض ، لتنبت ما ينفع الناس من زرع . والمرد به ثمرات الأعمال ونتائجها ، تشبيها لها بثمرات البذور .

والمعنى : من كان يريد من الناس بأعمال ثواب الآخرة ، ورضا الله - تعالى - ضاعف الله - عز وجل - له الأجر والثواب والعطاء .

{ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدنيا } أى : ومن كان يريد بعمله شهوات الدنيا نؤته منها ، ما قدرناه له من حطامها وزخارفها .

{ وَمَا لَهُ فِي الآخرة مِن نَّصِيبٍ } أى : وليس له فى الآخرة نصيب من خيراتها الباقية ، ونعيمها الدائم .

وشبيه بهذه الآية الكريمة قوله - تعالى - : { مَّن كَانَ يُرِيدُ العاجلة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً وَمَنْ أَرَادَ الآخرة وسعى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً كُلاًّ نُّمِدُّ هؤلاء وهؤلاء مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً }

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلۡأٓخِرَةِ نَزِدۡ لَهُۥ فِي حَرۡثِهِۦۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلدُّنۡيَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} (20)

{ من كان يريد حرث الآخرة } ثوابها شبهه بالزرع من حيث أنه فائدة تحصل بعمل ولذلك قيل : الدنيا مزرعة الآخرة ، والحرث في الأصل إلقاء البذر في الأرض ويقال للزرع الحاصل منه . { نزد له في حرثه } فنعطه بالواحد عشرا إلى سبعمائة فما فوقها . { ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها } شيئا منها على ما قسمنا له . { وما له في الآخرة من نصيب } إذ الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى .