وبعد أن بين - سبحانه - ما هم عليه من طاعات ، أتبع ذلك ببيان اجتنابهم للمعاصى والسيئات فقال : { والذين لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله إلها آخَرَ } أى : لا يشركون مع الله - تعالى - إلها آخر لا فى عبادتهم ولا فى عقائدهم . وإنما يخلصون وجوههم لله - تعالى - وحده .
{ وَلاَ يَقْتُلُونَ النفس التي حَرَّمَ الله إِلاَّ بالحق } أى : ولا يقتلون النفس التى حرم الله - تعالى - قلتها لأى سبب من الأسباب ، إلا بسبب الحق المزيل والمهدر لعصمتها وحرمتها ، ككفر بعد إيمان ، وزنا بعد إحصان ، أو قتل نفس بغير ذنب يوجب قتلها .
{ وَلاَ يَزْنُونَ } أى : ولا يرتكبون فاحشة الزنا ، بأن يستحلوا فرجا حرمه الله - تعالى - عليهم .
روى الشيخان وغيرهما عن عبد الله بن مسعود قال : " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أى الذنب أكبر ؟ قال : أن تجعل لله ندا وهو خلقك ، قلت : ثم أى : قال : " أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك ، قلت : ثم أى ؟ قال : أن تزانى حليلة جارك . . . " " .
وقوله - تعالى - : { وَمَن يَفْعَلْ ذلك يَلْقَ أَثَاماً . . . } بيان لسوء عاقبة من يرتكب شيئا من تلك الفواحش السابقة .
أى : ومن يفعل ذلك الذى نهينا عنه من الإشراك والقتل والزنا ، يلق عقابا شديدا لا يقادر قدره .
قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن شَقيق ، عن عبد الله - هو ابن مسعود - قال : سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي : الذنب أكبر ؟ قال : " أن تَجعل لله ندًا وهو خلقك " . قال : ثم أي ؟ قال : " أن تقتل ولدك خشية أن يَطْعم معك " . قال : ثم أي ؟ قال : " أن تزاني حليلة جارك " . قال عبد الله : وأنزل الله تصديق ذلك : { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا } .
وهكذا رواه النسائي عن هَنَّاد بن السري ، عن أبي معاوية ، به{[21603]} .
وقد أخرجه البخاري ومسلم ، من حديث الأعمش ومنصور - زاد البخاري : وواصل - ثلاثتهم عن أبي وائل ، شقيق بن سلمة ، عن أبي مَيْسَرة عمرو بن شرحبيل ، عن ابن مسعود ، به{[21604]} ، فالله أعلم ، ولفظهما عن ابن مسعود قال : قلت : يا رسول الله ، أي الذنب أعظم ؟ الحديث .
طريق غريب : وقال ابن جرير : حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي ، حدثنا عامر بن مُدْرِك ، حدثنا السري - يعني ابن إسماعيل - حدثنا الشعبي ، عن مسروق قال : قال عبد الله : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فاتبعته ، فجلس على نَشَز من الأرض ، وقعدت أسفل منه ، ووجهي حيال ركبتيه ، واغتنمت{[21605]} خلوته وقلت{[21606]} : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، أي الذنوب{[21607]} أكبر ؟ قال : " أن تدعو لله ندًا وهو خلقك " . قلت : ثم مه ؟{[21608]} قال : " أن تقتل ولدك كراهية أن يطعم معك " . قلت : ثم مه ؟ قال : " أن تزاني حليلة جارك " . ثم قرأ : { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ } . [ إلى آخر ]{[21609]} الآية{[21610]} . وقال النسائي : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن هلال بن يَسَاف ، عن سلمة بن قيس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : " ألا إنما هي أربع - فما أنا بأشح عليهن مني منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم - : لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، ولا تزنوا ، ولا تسرقوا " {[21611]} .
وقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن المديني ، رحمه الله ، حدثنا محمد بن فضيل بن غَزْوان ، حدثنا محمد بن سعد{[21612]} الأنصاري ، سمعت أبا طيبة الكَلاعي ، سمعت المقداد بن الأسود ، رضي الله عنه ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " ما تقولون في الزنى " ؟ قالوا : حَرّمه الله ورسوله ، فهو حَرَام إلى يوم القيامة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره " . قال : " ما تقولون في السرقة " ؟ قالوا : حرمها الله ورسوله ، فهي حرام . قال : " لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره " {[21613]} .
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا عمار بن نصر ، حدثنا بَقيَّة ، عن أبي بكر بن أبي مريم ، عن الهيثم بن مالك الطائي عن النبي صلى الله عليه وسلم : قال : " ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نُطفة وضعها رجل في رَحِم لا يحل له " {[21614]} .
وقال ابن جُرَيج : أخبرني يعلى ، عن سعيد بن جبير أنه سمعه يحدث{[21615]} عن ابن عباس : أن ناسا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا ، وزَنَوا فأكثروا ، ثم أتوا محمدًا صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن ، لو تخبرنا أن لما عملنا{[21616]} كفارة ، فنزلت : { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ } ، ونزلت : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا [ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ] } {[21617]} [ الزمر : 53 ] .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن أبي فَاخِتة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل : " إن الله ينهاك أن تعبد المخلوق وتدع الخالق ، وينهاك أن تقتل ولدك وتغذو كلبك ، وينهاك أن تزني بحليلة جارك " . قال سفيان : وهو قوله : { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ } {[21618]} .
وقوله : { وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا } . روي عن عبد الله بن عمرو أنه قال : { أَثَامًا } واد في جهنم .
وقال عكرمة : { يَلْقَ أَثَامًا } أودية في جهنم يعذب فيها الزناة . وكذا رُوي عن سعيد بن جبير ، ومجاهد .
وقال قتادة : { يَلْقَ أَثَامًا } نكالا كنا نحدث أنه واد في جهنم .
وقد ذكر لنا أن لقمان كان يقول : يا بني ، إياك والزنى ، فإن أوله مخافة ، وآخره ندامة .
وقد ورد في الحديث الذي رواه ابن جرير وغيره ، عن أبي أمامة الباهلي - موقوفا ومرفوعا - أن " غيا " و " أثاما " بئران في قعر جهنم{[21619]} أجارنا الله منها بمنه وكرمه .
وقال السدي : { يَلْقَ أَثَامًا } : جزاء .
وهذا أشبه بظاهر الآية ؛ ولهذا فسره بما بعده مبدلا منه ، وهو قوله : { يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ }
القول في تأويل قوله تعالى : { وَالّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إِلََهَا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ إِلاّ بِالْحَقّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلاّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلََئِكَ يُبَدّلُ اللّهُ سَيّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رّحِيماً * وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنّهُ يَتُوبُ إِلَى اللّهِ مَتاباً } .
يقول تعالى ذكره : والذين لا يعبدون مع الله إلها آخر ، فيشركون في عبادتهم إياه ، ولكنهم يخلصون له العبادة ويفردونه بالطاعة وَلاَ يَقْتُلُونَ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ قتلها إلاّ بِالحَقّ إما بكفر بالله بعد إسلامها ، أو زنا بعد إحصانها ، أو قتل نفس ، فتقتل بها وَلاَ يَزْنُونَ فيأتون ما حرّم الله عليهم إتيانه من الفروج وَمَنْ يَفْعَلْ ذلكَ يقول : ومن يأت هذه الأفعال ، فدعا مع الله إلها آخر ، وقتل النفس التي حرّم الله بغير الحقّ ، وزنى يَلْقَ أثاما يقول : يلق من عقاب الله عقوبة ونكالاً ، كما وصفه ربنا جلّ ثناؤه ، وهو أنه يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيامَةِ ويَخْلُدْ فِيهِ مُهانا . ومن الأثام قول بَلْعَاءَ بن قيس الكناني :
جَزَى اللّهُ ابْنَ عُرْوَةَ حيْثُ أمْسَى *** عُقُوقا والعُقُوقُ لَهُ أَثامُ
وقد ذُكر أن هذه الاَية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل قوم من المشركين أرادوا الدخول في الإسلام ، ممن كان منه في شركه هذه الذنوب ، فخافوا أن لا ينفعهم مع ما سلف منهم من ذلك إسلام ، فاستفتَوْا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الاَية ، يعلمهم أن الله قابل توبة من تاب منهم . ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : ثني يعلى بن مسلم عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس ، أن ناسا من أهل الشرك قَتَلُوا فأكثروا ، فأتوا محمدا صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : إن الذي تدعونا إليه الحسن ، لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة ، فنزلت : وَالّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إلها آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النّفْسَ التي حَرّمَ اللّهُ إلاّ بالحَقّ ، وَلا يَزْنُونَ ، ونزلت : قُلْ يا عِبادِيَ الّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ . . . إلى قوله : مِنْ قَبْلِ أنْ يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وأنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ قال ابن جُرَيج : وقال مجاهد مثل قول ابن عباس سواء .
حدثنا عبد الله بن محمد الفريابي ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي معاوية ، عن أبي عمرو الشيباني ، عن عبد الله ، قال : سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم : ما الكبائر ؟ قال : «أنْ تَدْعُوَ لِلّهِ نِدّا وَهُوَ خَلَقَك وأنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مِنْ أجْلِ أنْ يأكُلَ مَعَكَ ، وأَنْ تَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جارِكَ » ، وقرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب الله : وَالّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إلها آخَرَ ، وَلا يَقْتُلُونَ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ إلاّ بالحَقّ ، وَلا يَزْنُونَ .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا سفيان عن الأعمش ومنصور ، عن أبي وائل عن عمرو بن شُرَحْبِيلِ ، عن عبد الله ، قال : قلت : يا رسول الله ، أيّ الذنب أعظم ؟ قال : «أنْ تَجْعَلَ لِلّهِ ندّا وَهُوَ خَلَقَكَ » ، قلت : ثم أيّ ؟ قال : «أنْ تَقْتُل وَلَدَكَ خَشْيَةَ أنْ يأكُلَ مَعَكَ » ، قلت : ثم أيّ ؟ قال : «ثُمّ أنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جارِكَ » ، فأنزل تصديق قول النبيّ صلى الله عليه وسلم : وَالّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إلها آخَرَ ، وَلا يَقْتُلُونَ النّفْسَ التي حَرّمَ اللّهُ إلاّ بالحَقّ ، وَلا يَزْنُونَ » . . . الاَية .
حدثنا سليمان بن عبد الجبار ، قال : حدثنا عليّ بن قادم ، قال : حدثنا أسباط بن نصر الهمداني ، عن منصور عن أبي وائل ، عن أبي ميسرة ، عن عبد الله بن مسعود ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، نحوه .
حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرمليّ ، قال : ثني عمي يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، عن سفيان ، عن عبد الله قال : جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أيّ الذنب أكبر ؟ ثم ذكر نحوه .
حدثني أحمد بن إسحاق الأهوازي ، قال : حدثنا عامر بن مدرك ، قال : حدثنا السريّ ، يعني ابن إسماعيل قال : حدثنا الشعبيّ ، عن مسروق ، قال : قال عبد الله : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، فاتبعته ، فجلس على نَشَز من الأرض ، وقعدت أسفل منه ، ووجهي حيال ركبتيه ، فاغتنمت خلوته ، وقلت : بأبي وأمي يا رسول الله ، أيّ الذنوب أكبر ؟ قال : «أنْ تَدْعُوَ لِلّهِ نِدّا وَهُوَ خَلَقَكَ » . قلت : ثم مَهْ ؟ قال : «أنْ تَقْتُلَ وَلَدَكِ كَرَاهِيَةَ أنْ يَطْعَمَ مَعَكَ » . قلت : ثم مَهْ ؟ قال : «أنْ تُزانِيَ حَلِيلَةَ جارِكَ » ، ثم تلا هذه الاَية : «وَالّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إلها آخَرَ » . . . إلى آخر الاَية .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا طَلْق بن غنام ، عن زائدة ، عن منصور ، قال : ثني سعيد بن جُبير ، أو حُدثت عن سعيد بن جُبير ، أن عبد الرحمن بن أبْزى أمره أن يسأل ابن عباس عن هاتين الاَيتين التي في النساء وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمنا مُتَعَمّدا . . . إلى آخر الاَية ، والاَية التي في الفرقان وَمَنْ يَفْعَلْ ذلكَ يَلْقَ أثاما . . . إلى ويَخْلُدْ فِيهِ مُهانا قال ابن عباس : إذا دخل الرجل في الإسلام ، وعلم شرائعه وأمره ، ثم قتل مؤمنا متعمدا ، فلا توبة له . والتي في الفرقان ، لما أنزلت قال المشركون من أهل مكة : فقد عدلنا بالله ، وقتلنا النفس التي حرّم الله بغير الحقّ ، فما ينفعنا الإسلام ؟ قال : فنزلت إلاّ مَنْ تابَ قال : فمن تاب منهم قُبل منه .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، قال : ثني سعيد بن جُبير ، أو قال : حدثني الحكم عن سعيد بن جُبير ، قال : أمرني عبد الرحمن بن أبزى ، فقال : سل ابن عباس ، عن هاتين الاَيتين ، ما أمرهما عن الاَية التي في الفرقان وَالّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إلَهَا آخَرَ ، وَلا يَقْتُلُونَ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ . . . الاَية ، والتي في النساء وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمّدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنّمُ . فسألت ابن عباس عن ذلك ، فقال : لما أنزل الله التي في الفرقان ، قال مشركو أهل مكة : قد قتلنا النفس التي حرّم الله ، ودعونا مع الله إلها آخر ، فقال : إلاّ مَنْ تابَ وآمَنَ وَعمِلَ عَمَلاً صالِحا . . . الاَية . فهذه لأولئك . وأما التي في النساء وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤمِنا مُتَعَمّدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنّمُ . . . الاَية ، فإن الرجل إذا عرف الإسلام ، ثم قتل مؤمنا متعمدا ، فجزاؤه جهنم ، فلا توبة له . فذكرته لمجاهد ، فقال : إلا من ندم .
حدثنا محمد بن وعوف الطائي ، قال : حدثنا أحمد بن خالد الذهنيّ ، قال : حدثنا شيبان ، عن منصور بن المعتمر ، قال : ثني سعيد بن جُبير ، قال لي سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى : سل ابن عباس عن هاتين الاَيتين عن قول الله : وَالّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إلَها آخرَ . . . إلى مَنْ تابَ ، وعن قوله وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمّدا . . . إلى آخر الاَية . قال : فسألت عنها ابن عباس ، فقال : أنزلت هذه الاَية في الفرقان بمكة إلى قوله ويَخْلُدْ فِيهِ مُهانا فقال المشركون : فما يغني عنا الإسلام ، وقد عدلنا بالله ، وقتلنا النفس التي حرّم الله ، وأتينا الفواحش ، قال : فأنزل الله إلاّ مَنْ تابَ وآمَنَ وَعمِلَ عَمَلاً صَالِحا . . . إلى آخر الاَية ، قال : وأما من دخل في الإسلام وعقَله ، ثم قتل ، فلا توبة له .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس ، قال في هذه الاَية وَالّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إلَها آخَرَ ، وَلا يَقْتُلُونَ النّفْسَ التي حَرّم اللّهُ إلاّ بالحَقّ . . . الاَية ، قال : نزلت في أهل الشرك .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن سعيد بن جُبير ، قال : أمرني عبد الرحمن بن أبزى أن أسأل ابن عباس عن هذه الاَية وَالّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إلَها آخَرَ ، فذكر نحوه .
حدثني عبد الكريم بن عمير ، قال : حدثنا إبراهيم بن المنذر ، قال : حدثنا عيسى بن شعيب بن ثَوْبان ، مولًى لبني الديل من أهل المدينة ، عن فُلَيح الشماس ، عن عبيد بن أبي عبيد ، عن أبي هريرة ، قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العَتَمة ، ثم انصرفت فإذا امرأة عند بابي ، ثم سلمت ، ففتحت ودخلت ، فبينا أنا في مسجدي أصلي ، إذ نقرت الباب ، فأذنت لها ، فدخلت فقالت : إني جئتك أسألك عن عمل عملت ، هل لي من توبة ؟ فقالت : إني زنيت وولدتُ ، فقتلته ، فقلت : لا ، ولا نعمت العين ولا كرامة . فقامت وهي تدعو بالحسرة تقول : يا حسرتاه ، أخُلِقَ هذا الحسن للنار ؟ قال : ثم صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح من تلك الليلة ، ثم جلسنا ننتظر الإذن عليه ، فأذن لنا ، فدخلنا ، ثم خرج من كان معي ، وتخلفت ، فقال : «ما لَكَ يا أبا هُرَيْرَةَ ، ألَكَ حاجَةٌ ؟ » فقلت له : يا رسول الله صليت معك البارحة ، ثم انصرفت . وقصصت عليه ما قالت المرأة ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «ما قُلْتَ لَهَا ؟ » قال : قلت لها : لا والله ولا نعمت العين ولا كرامة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بئْسَ ما قُلْتَ أمَا كُنْتَ تَقْرأُ هَذِهِ الاَيَةَ » : وَالّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إلَهَا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النّفْسَ التي حَرّمَ اللّهُ إلاّ بالحَقّ . . . الاَية إلاّ مَنْ تابَ وآمَنَ وعَمِلَ عَمَلاً صَالِحا » فقال أبو هريرة : فخرجت ، فلم أترك بالمدينة حصنا ولا دارا إلا وقفت عليه ، فقلت : إن تكن فيكم المرأة التي جاءت أبا هريرة الليلة ، فلتأتني ولتبشر فلما صليت مع النبيّ صلى الله عليه وسلم العشاء ، فإذا هي عند بابي ، فقلت : أبشري ، فإني دخلت على النبيّ ، فذكرت له ما قلتِ لي ، وما قلت لك ، فقال : «بئس ما قلت لها ، أما كنت تقرأ هذه الاَية ؟ » فقرأتها عليها ، فخرّت ساجدة ، فقالت : الحمد لله الذي جعل مَخْرجا وتوبة مما عملت ، إن هذه الجارية وابنها حرّان لوجه الله ، وإني قد تبت مما عملت .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا جعفر بن سليمان ، عن عمرو بن مالك ، عن أبي الجوزاء ، قال : اختلفت إلى ابن عباس ثلاث عشرة سنة ، فما شيء من القرآن إلا سألته عنه ، ورسولي يختلف إلى عائشة ، فما سمعته ولا سمعت أحدا من العلماء يقول : إن الله يقول لذنب : لا أغفره .
وقال آخرون : هذه الاَية منسوخة بالتي في النساء . ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني المغيرة بن عبد الرحمن الحرّاني ، عن أبي الزناد ، عن خارجة بن زيد أنه دخل على أبيه وعنده رجلٍ من أهل العراق ، وهو يسأله عن هذه الاَية التي في تبارك الفرقان ، والتي في النساء وَمَنْ يَقتُلْ مُؤمِنا مُتَعَمّدا فقال زيد بن ثابت : قد عرفت الناسخة من المنسوخة ، نسختها التي في النساء بعدها بستة أشهر .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : قال الضحاك بن مزاحم : هذه السورة بينها وبين النساء وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمّدا ثمان حجج . وقال ابن جُرَيج : وأخبرني القاسم بن أبي بزة أنه سأل سعيد بن جُبير : هل لمن قتل مؤمنا متعمدا توبة ؟ فقال : لا ، فقرأ عليه هذه الاَية كلها ، فقال سعيد بن جُبير : قرأتها على ابن عباس كما قرأتها عليّ ، فقال : هذه مكية ، نسختها آية مدنية ، التي في سورة النساء . وقد أتينا على البيان عن الصواب من القول في هذه الاَية التي في سورة النساء بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . وبنحو الذي قلنا في الأثام من القول ، قال أهل التأويل ، إلا أنهم قالوا : ذلك عقاب يعاقب الله به من أتى هذه الكبائر بواد في جهنم يُدعى أثاما . ذكر من قال ذلك :
حدثني أحمد بن المقدام ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت أبي يحدّث ، عن قَتادة ، عن أبي أيوب الأزدي ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : الأثام : وادٍ في جهنم .
حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله الله : يَلْقَ أثاما قال : واديا في جهنم .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، حدثنا ابن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا الحسين ، عن يزيد ، عن عكرِمة ، في قوله وَمَنْ يَفْعَلْ ذلكَ يَلْقَ أثاما قال : واديا في جهنم فيه الزناة .
حدثني العباس بن أبي طالب ، قال : حدثنا محمد بن زياد ، قال : حدثنا شرقِيّ بن قطاميّ ، عن لقمان بن عامر الخزاعيّ ، قال : جئت أبا أُمامة صديّ بن عجلان الباهلي ، فقلت : حدثني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فدعا لي بطعام ، ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لَوْ أنّ صَخْرَةً زِنَةَ عَشْرِ عَشْرَاوَاتٍ قُذِفَ بِها مِنْ شَفِيرِ جَهَنّمَ ما بَلَغَتْ قَعْرَها خَمْسِينَ خَرِيفا ، ثُمّ تَنْتَهي إلى غَيَ وأثامٍ » . قلت : وما غيّ وأثام ؟ قال : بِئْرَانِ فِي أسْفَلِ جَهَنّمَ يَسِيلُ فِيهِما صَدِيدُ أهْلِ النّارِ ، وهما اللذان ذكر الله في كتابه أضَاعُوا الصّلاَةَ وَاتّبَعُوا الشّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّا ، وقوله في الفرقان : وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلكَ يَلْقَ أثاما .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : يَلْقَ أثاما قال : الأثام الشرّ ، وقال : سيكفيك ما وراء ذلك : يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، ويَخْلُدْ فِيهِ مُهَانا .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : يَلْقَ أثاما قال : نكالاً قال : قال : إنه وادٍ في جهنم .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن هشيم ، قال : أخبرنا زكريا بن أبي مريم قال : سمعت أبا أمامة الباهلي يقول : إن ما بين شفير جهنم إلى قعرها مسيرة سبعين خريفا بحجر يهوي فيها أو بصخرة تهوي ، عظمها كعشر عشراوات سمان ، فقال له رجل : فهل تحت ذلك من شيء ؟ قال : نعم غيّ وأثام .
{ والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله } أي حرمها بمعنى حرم قتلها . { إلا بالحق } متعلق بالقتل المحذوف ، أو بلا يقتلون { ولا يزنون } نفى عنهم أمهات المعاصي بعدما أثبت لهم أصول الطاعات إظهارا لكمال إيمانهم وإشعارا بأن الأجر المذكور موعود للجامع بين ذلك ، وتعريضا للكفرة بأضداده ولذلك عقبه بالوعيد تهديدا لهم فقال : { ومن يفعل ذلك يلق أثاما } جزاء إثم أو إثما بإضمار الجزاء ، وقرئ " أياما " أي شدائد يقال يوم ذو أيام أي صعب .
وقوله تعالى : { والذين لا يدعون } الآية إخراج لعباده المؤمنين من صفات الكفرة في عبادتهم الأوثان وقتلهم النفس بوأد البنات وغير ذلك من الظلم والاغتيال والغارات وبالزنا الذي كان عندهم مباحاً ، وفي نحو هذه الآية قال عبد الله بن مسعود : قلت يوماً يا رسول الله أي الذنب أعظم ؟ قال :
«أن تجعل لله نداً وهو خلقك ، قلت ثم أي ؟ قال أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك ، قلت ثم أي ؟ قال أن تزاني حليلة جارك » ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية{[8881]} .
قال الفقيه الإمام القاضي : والقتل والزنا يدخل في هذه الآية العصاة من المؤمنين ولهم من الوعيد بقدر ذلك ، «والحق » الذي تقتل به النفس هو قتل النفس والكفر بعد الإيمان ، و «الزنا » بعد الإحصان والكفر الذي لم يتقدمه إيمان في الحربيين ، و «الآثام » في كلام العرب العقاب وبه فسر ابن زيد وقتادة هذه الآية ومنه قول الشاعر : [ الوافر ]
جزى الله ابن عروة حيث أمسى . . . عقوقاً والعقوق له أثام{[8882]}
أي جزاء وعقوبة ، وقال عكرمة وعبد الله بن عمرو ومجاهد إن { أثاماً } واد في جهنم هذا اسمه وقد جعله الله عقاباً للكفرة .
هذا قسم آخر من صفات عباد الرحمان ، وهو قسم التخلّي عن المفاسد التي كانت ملازمة لقومهم من المشركين ؛ فتنزه عباد الرحمن عنها بسبب إيمانهم ، وذكر هنا تنزههم عن الشرك وقتل النفس والزنا ، وهذه القبائح الثلاث كانت غالبة على المشركين .
ووَصْفُ النفس ب { التي حرم الله } بيانٌ لحُرمة النفس التي تقررت من عهد آدم فيما حكى الله من محاورة ولدَيْ آدم بقوله { قال لأقتلنّك } [ المائدة : 27 ] الآيات ، فتقرر تحريم قتل النفس من أقدم أزمان البشر ولم يجهله أحد من ذرية آدم ، فذلك معنى وصف النفس بالموصول في قوله { التي حرم الله } . وكان قتل النفس متفشياً في العرب بالعداوات ، والغارات ، وبالوأْد في كثير من القبائل بناتهم ، وبالقتل لفرط الغَيرة ، كما قال امرؤ القيس :
تجاوزتُ أحراساً إليها ومعشراً *** عليَّ حراصاً لو يُسِرُّون مقتلي
عُلّقْتُها عَرضاً وأقتُلُ قومها *** زعماً لعمرُ أبيك ليس بمزعم
وقوله { إلا بالحق } المراد به يومئذ : قتل قاتل أحدهم ، وهو تهيئة لمشروعية الجهاد عقب مدة نزول هذه السورة . ولم يكن بيد المسلمين يومئذ سلطان لإقامة القصاص والحدود . ومضى الكلام على الزنا في سورة سبحان .
وقد جُمع التخلّي عن هذه الجرائم الثلاث في صلة موصول واحد ولم يكرر اسم الموصول كما كرّر في ذكر خصال تحلّيهم ، للإشارة إلى أنهم لما أقلعوا عن الشرك ولم يَدْعُوا مع الله إلهاً آخر فقد أقلعوا عن أشد القبائح لصوقاً بالشرك وذلك قتل النفس والزِنا . فجعل ذلك شَبيهَ خصلةٍ واحدة ، وجُعل في صلة موصول واحد .
وقد يكون تكرير { لا } مجزئاً عن إعادة اسم الموصول وكافياً في الدلالة على أن كل خصلة من هذه الخصال موجبة لمضاعفة العذاب ، ويؤيدّه ما في « صحيح مسلم » من حديث عبد الله بن مسعود قال : قلت يا رسول الله أيُّ الذنب أكبر ؟ قال : " أن تدعوَ لله نِدًّا وهو خَلَقَك . قلتُ : ثم أيُّ ؟ قال : أن تقتل ولدك خِيفةَ أن يطْعَم معَك . قلت : ثم أيّ : قال : أن تُزانيَ حليلةَ جارك " فأنزل الله تعالى تصديقها { والذين لا يدعون مع الله إلها آخراً } إلى { أثاماً } ، وفي رواية ابن عطية ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية .
وقد علمت أن هذه الآيات الثلاث إلى قوله { غفوراً رحيماً } [ الفرقان : 68 70 ] قيل نزلت بالمدينة .
والإشارة ب { ذلك } إلى ما ذكر من الكبائر على تأويله بالمذكور ، كما تقدم في نظيره آنفاً . والمتبادر من الإشارة أنها إلى المجموع ، أي من يفعل مجموع الثلاث . ويُعلم أن جزاء من يفعل بعضها ويترك بعضاً عدا الإشراك دون جزاء من يفعل جميعها ، وأنَّ البعض أيضاً مراتب ، وليس المراد من يفعل كل واحدة مما ذكر يلقَ آثاماً لأن لُقِيَّ الآثام بُيّن هنا بمضاعفة العذاب والخلودِ فيه .
وقد نهضتْ أدلةٌ متظافرة من الكتاب والسنة على أن ما عدا الكفر من المعاصي لا يوجب الخلود ، مما يقتضي تأويلَ ظواهر الآية .
ويجوز أن تكون مضاعفة العذاب مستعملة في معنى قوته ، أي يعذب عذاباً شديداً وليست لتكرير عذاب مقدر .
والآثام بفتح الهمزة جزاء الإثم على زنة الوَبال والنَكال ، وهو أشد من الإثم ، أي يجازى على ذلك سُوءاً لأنها آثام .