التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا لَّا تَجۡزِي نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡـٔٗا وَلَا يُقۡبَلُ مِنۡهَا شَفَٰعَةٞ وَلَا يُؤۡخَذُ مِنۡهَا عَدۡلٞ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (48)

ثم قال تعالى :

{ واتقوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ . . . }

بعد أن ذكرهم - سبحانه - في الآية السابعة بنعمة عظمى من نعمه حذرهم في هذه الآية الكريمة من التقصير في العمل الصالح ، وذلك لأن وصفهم بالتفضيل على عالمي زمانهم قد يحملهم على الغرور ، ويجعلهم يتوهمون أنهم مغفور لهم لو أذنبوا . فجاءت هذه الآية الكريمة لتقتلع من أذهانهم تلك الأوهام بأحكم عبارة وأجمع بيان .

والمراد باتقاء اليوم ، وهو يوم القيامة ، الحذر مما يحدث فيه من أهوال وعذاب ، والحذر منه يكون بالتزام حدود الله - تعالى - وعدم تعديها ، فهو من إطلاق الزمان على ما يقع فيه كما تقول " مكان مخيف " وتنكير النفس في الموضعين وهو في حيز النفي يفيد عموم النفس . أي : لا تقضى فيه نفس كائنة من كانت عن نفس أخرى شيئاً من الحقوق .

ووصف اليوم بهذا الوصف ، ولم يقل " يوم القيامة " مثلا ، للإِشعار بأن التصرف في ذلك اليوم لله وحده ، فليس فيه ما اعتاد الناس في هذه الدنيا من دفاع بعضهم عن بعض .

والمعنى : احذروا - يا بني إسرائيل - يوماً عظيماً أمامكم ، سيحصل فيه من الحساب والجزاء مالا منجاة من هوله إلا بتقوى الله في جميع الأحوال والإِخلاص له في كل الأعمال ، فهو يوم لا تقضى فيه نفس مهما كان قدرها عظيما عن نفس شيئاً ما ، مهما يكن ذنباً صغيراً .

ثم وصف القرآن الكريم ذلك اليوم بوصف آخر يناسب المقام . فقال تعالى : { وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ } الضمير في ( منها ) يعود إلى النفس المحاسبة في ذلك اليوم . والشفاعة : من الشفع ضد الوتر ، وهي انضمام الغير إلى الشخص ليدفع عنه ، أي لا يقبل منها أن تأتي يشفيع ليحصل لها نفعاً ، أو يدفع عنها ضرراً .

والآية الكريمة قد نفت قبول الشفاعة من أحد نفياً مطلقاً ، ولكن هنالك آيات كريمة تنفى قبول الشفاعة إلا ممن أذن له الرحمن في ذلك ، من هذه الآيات قوله تعالى : { مَن ذَا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } وقوله تعالى : { يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ الشفاعة إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً } وللجمع بين هذه الآيات ، تحمل الآيات التي تنفى الشفاعة نفياً مطلقاً على أنها واردة في شأن النفوس الكافرة ، وتحمل الآيات التي تبيح الشفاعة على أنها واردة في شأن المؤمنين إذا أذن الله فيها للشافعين ، وقد وردت أحاديث صحيحة بلغت مبلغ التواتر المعنوي في أن النبي صلى الله عليه وسلم ستكون له شفاعة في دفع العذاب عن أقوام المؤمنين ، وتخفيفه عن أهل الكبائر من المسلمين ، من ذلك ما أخرجه البخاري عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

" أعطيت خمساً لم يعطهن نبي قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً وجعلت أمتي خير الأمم ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة " .

قال الإِمام ابن جرير : ( وهذه الآية وإن كان مخرجها عاماً في التلاوة فإن المراد بها خاص في التأويل ، لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . أنه قال : شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ، وأنه قال : ليس من نبي إلا وقد أعطى دعوة ، وإني خبأت دعوتي شفاعة لأمتي ، وهي نائلة إن شاء الله منهم من لا يشرك بالله شيئاً . فقد تبين بذلك أن الله جل ثناؤه قد يصفح لعباده المؤمنين بشفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لهم عن كثير من عقوبة إجرامهم بينه وبينهم ، وأن قوله { وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ } إنما هي لمن مات على كفره غير تائب إلى الله - عز وجل - " اه .

ثم وصف اليوم بوصف ثالث فقال تعالى : { وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ } .

العدل : العوض والفداء . سمي بالمصدر لأن الفادي يعدل المفدي بمثله في القيمة أو العين .

ويسويه به . يقال : عدل كذا بكذا : أي سواه به .

والمعنى : لا يؤخذ منها فداء أو بدل في ذلك اليوم إن هي استطاعت إحضاره على سبيل الفرض والتقدير .

ثم وصفه بوصف رابع فقال تعالى : { وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ } والنصر هو الإِعانة في الحرب وغيره بقوة الناصر ، وقدم المسند إليه لزيادة التأكيد المفيد أن انتفاء نصرهم محقق . فضلا عما استفيد من نفي العفل وإسناده للمجهول وجاء الضمير في قوله تعالى : { وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ } جمعاً مع أنه عائد على النفس وهو قوله تعالى : { لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ } ؛ لأن النكرة إذا وقعت في سياق النفي تناولت كل فرد من أفرادها ، وبهذا صارت في معنى الجمع ، وصح أن يعود عليها ضمير الجمع وهو ( هم ) .

والمعنى : أنهم لا يجدون من يعينهم ويمنعهم من عذاب الله يوم القيامة .

ولما كان اليهود يعتقدون أنهم شعب مميز ، وأن نسبتهم إلى الأنبياء ستجعلهم في مأمن من العقاب رغم عصيانهم وفسوقهم ، وأن آباءهم سيشفعون لهم . . . لما كانوا كذلك جاءت هذه الآية الكريمة لتبطل ما اعتقدوه ، وتقطع ما أمَّلوه ، ولتنقض كل ما يحتمل أن يكون وسيلة للنجاة يوم القيامة سوى الإِيمان والعمل الصالح .

فقد نفت الآية الكريمة وجود من ينوب عنهم بقولها { لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً } .

ونفت انتفاعهم بشفاعة الشافعين يوم الحساب بقولها { وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ } .

ونفت قبول البدل أو الفداء عما ارتكبوه من خطايا بقولها { وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ } .

ونفت وجود من ينتصر لهم أو يدافع عنهم بقولها { وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ } .

وهكذا سدت عليهم الآية الكريمة كل منفذ يتوهمون نجاتهم من عذاب الله بسببه ، ما داموا مصرين على كفرهم وجحودهم .

/خ48

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا لَّا تَجۡزِي نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡـٔٗا وَلَا يُقۡبَلُ مِنۡهَا شَفَٰعَةٞ وَلَا يُؤۡخَذُ مِنۡهَا عَدۡلٞ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (48)

40

ومع الإطماع في الفضل والنعمة ، التحذير من اليوم الذي يأتي وصفه :

( لا تجزي نفس عن نفس شيئا ) . .

فالتبعة فردية ، والحساب شخصي ، وكل نفس مسؤولة عن نفسها ، ولا تغني نفس عن نفس شيئا . . وهذا هو المبدأ الإسلامي العظيم . مبدأ التبعة الفردية القائمة على الإرادة والتمييز من الإنسان ، وعلى العدل المطلق من الله . وهو أقوم المباديء التي تشعر الإنسان بكرامته ، والتي تستجيش اليقظة الدائمة في ضميره . وكلاهما عامل من عوامل التربية ، فوق أنه قيمة إنسانية تضاف إلى رصيده من القيم التي يكرمه بها الإسلام .

( ولا يقبل منها شفاعة . ولا يؤخذ منها عدل ) .

فلا شفاعة تنفع يومئذ من لم يقدم إيمانا وعملا صالحا ؛ ولا فدية تؤخذ منه للتجاوز عن كفره ومعصيته .

( ولا هم ينصرون ) . .

فما من ناصر يعصمهم من الله ، وينجيهم من عذابه . . وقد عبر هنا بالجمع باعتبار مجموع النفوس التي لا تجزي نفس منها عن نفس ، ولا يقبل منها شفاعة ، ولا يؤخذ منها عدل ، وانصرف عن الخطاب في أول الآية إلى صيغة الغيبة في آخرها للتعميم . فهذا مبدأ كلي ينال المخاطبين وغير المخاطبين من الناس أجمعين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا لَّا تَجۡزِي نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡـٔٗا وَلَا يُقۡبَلُ مِنۡهَا شَفَٰعَةٞ وَلَا يُؤۡخَذُ مِنۡهَا عَدۡلٞ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (48)

{ واتقوا يوما } أي ما فيه من الحساب والعذاب .

{ لا تجزي نفس عن نفس شيئا } لا تقضي عنها شيئا من الحقوق ، أو شيئا من الجزاء فيكون نصبه على المصدر ، وقرئ لا { تجزئ } من أجزأ عنه إذا أغنى وعلى هذا تعين أن يكون مصدرا ، وإيراده منكرا مع تنكير النفسين للتعميم والإقناط الكلي والجملة صفة ليوما ، والعائد فيها محذوف تقديره لا تجزي فيه ، ومن لم يجوز حذف العائد المجرور قال اتسع : فيه فحذف عنه الجار وأجري مجرى المفعول به ثم حذف كما حذف من قوله : أم مال أصابوا .

{ ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل } أي من النفس الثانية العاصية ، أو من الأولى ، وكأنه أريد بالآية نفي أن يدفع العذاب أحد عن أحد من كل وجه محتمل ، فإنه إما أن يكون قهرا أو غيره ، والأول النصرة ، والثاني إما أن يكون مجانا أو غيره . والأول أن يشفع له والثاني إما بأداء ما كان عليه وهو أن يجزي عنه ، أو بغيره وهو أن يعطى عنه عدلا . والشفاعة من الشفع كأن المشفوع له كان فردا فجعله الشفيع شفعا بضم نفسه إليه ، والعدل الفدية . وقيل : البدل وأصله التسوية سمي به الفدية لأنها سميت بالمفدى ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ولا تقبل بالتاء .

{ ولا هم ينصرون } يمنعون من عذاب الله ، والضمير لما دلت عليه النفس الثانية المنكرة الواقعة في سياق النفس من النفوس الكثيرة ، وتذكيره بمعنى العباد . أو الأناسي والنصر أخص من المعونة لاختصاصه بدفع الضر . وقد تمسكت المعتزلة بهذه الآية على نفي الشفاعة لأهل الكبائر ، وأجيب بأنها مخصوصة بالكفار للآيات والأحاديث الواردة في الشفاعة ، ويؤيده أن الخطاب معهم ، والآية نزلت ردا لما كانت اليهود تزعم أن آباءهم تشفع لهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا لَّا تَجۡزِي نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡـٔٗا وَلَا يُقۡبَلُ مِنۡهَا شَفَٰعَةٞ وَلَا يُؤۡخَذُ مِنۡهَا عَدۡلٞ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (48)

وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ( 48 )

وقوله عز وجل : { واتقوا يوماً } نصب يوماً ب { اتقوا } على السعة ، والتقدير عذاب يوم ، أو هول يوم ، ثم حذف ذلك وأقام اليوم مقامه ، ويصح أن يكون نصبه على الظرف لا للتقوى ، لأن يوم القيامة ليس بيوم عمل ، ولكن معناه : جيئوا متقين يوماً . و { لا تجزي } معناه : لا تغني .

وقال السدي : معناه لا تقضي ، ويقويه قوله { شيئاً }( {[572]} ) وقيل المعنى : لا تكافىء ، ويقال : جزى وأجزأ بمعنى واحد( {[573]} ) ، وقد فرق بينهما قوم ، فقالوا : جزى بمعنى : قضى وكافأ ، وأجزأ بمعنى أغنى وكفى .

وقرأ أبو السمال «تُجزىءُ » بضم التاء والهمز ، وفي الكلام حذف( {[574]} ) .

وقال البصريون : التقدير لا تجزي فيه ، ثم حذف فيه .

وقال غيرهم : حذف ضمير متصل ب { تجزي } تقديره لا تجزيه ، على أنه يقبح حذف هذا الضمير في الخبر ، وإنما يحسن في الصلة .

وقال بعض البصريين : التقدير لا تجزي فيه ، فحذف حرف الجر واتصل الضمير ، ثم حذف الضمير بتدريج .

وقوله تعالى : { ولا تقبل منها شفاعة } قرأ ابن كثير وأبو عمرو : بالتاء ، وقرأ الباقون : بالياء من تحت على المعنى إذ تأنيت الشفاعة ليس بحقيقي ، والشفاعة مأخوذة من الشفع وهما الاثنان لأن الشافع والمشفوع له شفع ، وكذلك الشفيع فيما لم يقسم .

وسبب هذه الآية أن بني إسرائيل قالوا : نحن أبناء الله وأبناء أنبيائه وسيشفع لنا آباؤنا ، فأعلمهم الله تعالى عن يوم القيامة أنه لا تقبل فيه الشفاعة ، و { لا تجزي نفس عن نفس } ، وهذا إنما هو في الكافرين ، للإجماع وتواتر الحديث بالشفاعة في المؤمنين( {[575]} ) .

وقوله تعالى : { ولا يؤخذ منها عدل } ، قال أبو العالية : «العدل الفدية » .

قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : وعدل الشيء هو الذي يساويه قيمة وقدراً وإن لم يكن من جنسه ، «والعِدل » بكسر العين هو الذي يساوي الشيء من جنسه وفي جرمه .

وحكى الطبري أن من العرب من يكسر العين من معنى الفدية ، فأما واحد الأعدال فبالكسر لا غير ، والضمير في قوله { ولا هم } عائد على الكافرين الذين اقتضتهم الآية ، ويحتمل أن يعود على النفسين المتقدم ذكرهما ، لأن اثنين جمع( {[576]} ) ، أو لأن النفس للجنس وهو جمع ، وحصرت هذه الآية المعاني التي اعتادها بنو آدم في الدنيا ، فإن الواقع في شدة مع آدمي لا يتخلص إلا بأن يشفع له أو ينصر أو يفتدى .


[572]:- أي شيئا من الحقوق.
[573]:- قال الفيومي في المصباح: جزى الأمر يجزي جزاء مثل قضى يقضي قضاء وزنا ومعنى. وفي الدعاء جزاه الله خيرا: أي قضاه له وأثابه، وقد يستعمل أجزا بالألف والهمز بمعنى جزى ونقلهما الأخفش بمعنى واحد فقال: الثلاثي من غير همز لغة الحجاز والرباعي المهموز لغة تميم، وجازيته بذنبه عاقبته عليه، وجزيت الدين قضيته، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام لأبي بردة بن نيار لما أمره أن يضحي بجدعة من المعز: "تجزي عليك ولن تجزي عن أحد بعدك" قال الأصمعي: أي ولن تقضي، وأجزأت الشاة بالهمز بمعنى قضت لغة حكاها ابن القطاع، وأما أجزأ بالألف والهمز فبمعنى أغنى، قال الأزهري: والفقهاء يقولون أجزى من غير همز ولم أجده لأحد من أئمة اللغة ولكن إن همز أجزأ فهو بمعنى كفي هذا لفظه، وفيه نظر، لأنه إن أراد امتناع التسهيل فقد توقف في غير موضع التوقف، فإن تسهيل همزة الطرف وتسهيل الهمزة الساكنة قياس، فيقال أرجأت الأمر وأرجيته، وأنسأت وأنسيت وأخطأت وأخطيت فالفقهاء جرى على ألسنتهم التخفيف، وإن أراد الامتناع من وقوع أجزأ موقع جزى فقد نقلها الأخفش لغتين، كيف وقد نص النحاة على أن الفعلين إذا تقارب معناهما جاز وضع أحدهما موضع الآخر، وفي هذا مقنع لو لم يوجد نقل، وأجزأ الشيء مجزأ غيره كفى وأغنى عنه، واجتزأت بالشيء اكتفيت انتهى باختصار. وقال الشيخ حلولو في شرح جمع الجوامع جزى الثلاثي- إن كان بلا همز فمعناه القضاء نحو (لا تجزي نفس عن نفس شيئا) أي لا تقضي، وإن كان آخره مهموزا فمعناه الكفاية والله أعلم.
[574]:- المراد أن الجملة "لا تجزي" صفة لما قبلها، والرابط بين الصفة والموصوف محذوف، واختلفوا في هذا المحذوف، وكيفما كان تقديره فالحذف في هذا المقام جائز ومقبول.
[575]:- أجمع المفسرون على أن المراد بقوله تعالى: [واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة] النفس الكافرة لا كل نفس.
[576]:- لحديث: (اثنان فما فوق جماعة) وفي "الكوكب الساطع": وفي أقل الجمع مذهبان: أصحهما ثلاثة لا اثنان.