التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ فَبِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي لَأَقۡعُدَنَّ لَهُمۡ صِرَٰطَكَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ} (16)

ثم حكى القرآن ما توعد به إبليس آدم وذريته من كيد وأذى فقال : { قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المستقيم } .

الباء للقسم أو للسببية أى : فأقسم بإغوائك إياى ، أو بسبب إغوائك إياى ، لأترصدن لآدم وبنيه على طريق الحق وسبيل النجاة ، كما يترصد قطاع الطرق للسائرين فيها فأصدنهم عنها وأحاول لك السبل أن اصرفهم عن صراطك المستقيم ، ولن أتكاسل عن العمل على إفسادهم وإضلالهم .

والإغواء : خلق الغى بمعنى الضلال . وأصل الغى الفساد ، ومنه غوى الفصيل - كرضى - غوى ، إذا بشم من اللبن ففسدت معدته ، أو منع الرضاع فهزل وكاد يهلك ، ثم استعمل في الضلال ، يقال : غوى يغوى غياً وغواية فهو غاو ، وغوى إذا ضل ، وأغواه غيره : أضله .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ فَبِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي لَأَقۡعُدَنَّ لَهُمۡ صِرَٰطَكَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ} (16)

وهنا يعلن إبليس في تبجح خبيث - وقد حصل على قضاء بالبقاء الطويل - أنه سيرد على تقدير الله له الغواية وإنزالها به ، بسبب معصيته وتبجحه ؛ بأن يغوي ذلك المخلوق الذي كرمه الله ، والذي بسببه كانت مأساة إبليس ولعنه وطرده ! ويجسم هذا الإغواء بقوله الذي حكاه القرآن عنه :

( لأقعدن لهم صراطك المستقيم . ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم ، وعن أيمانهم وعن شمائلهم ) . .

إنه سيقعد لآدم وذريته على صراط الله المستقيم ، يصد عنه كل من يهم منهم باجتيازه - والطريق إلى الله لا يمكن أن يكون حساً ، فالله سبحانه جل عن التحيز ، فهو إذن طريق الإيمان والطاعات المؤدي إلى رضى الله –

/خ25