الآية16 : وقوله تعالى : { وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله } وفي حرف ابن مسعود رضي الله عنه وإذا اعتزلتموهم وما يعبدون من دون الله ( يحتمل وجهين :
أحدهما ){[11434]} على القراءة الظاهرة { وما يعبدون إلا الله } أي وإن اعتزلتموهم والذين لا يعبدون إلا الله فلا تعتزلوا عبادته لأنهم كانوا يعبدون الأصنام ، ويعبدون الله أيضا ، ويرونه معبودا . فكأنهم قالوا : وإذ اعتزلتموهم والذين ( ما ){[11435]} يعبدون الله فلا تعتزلوهم{[11436]} . وهو كقول إبراهيم عليه السلام لقومه حين{[11437]} { قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون } { انتم وآباؤكم الأقدمون ) ( الشعراء : 75و76 ) استثنى عبادة رب العالمين من بين عبادة ما{[11438]} يعبدون من دونه ، إذ كانوا يعبدون الأصنام رجاء أن تشفع لهم عنده ، أو تقرب عبادتهم إلى الله زلفى وأمثاله .
وجائز أن يكون قوله : { وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا
الله } على التقديم و التأخير ؛ أي وإذ اعتزلتموهم فأووا إلى الكهف لأنهم كانوا لا يعبدون هم في الحقيقة إلا الله ، يعني أصحاب الكهف .
والثاني : ما ذكرنا : وإذ اعتزلتموهم ، و ما يعبدون في الحقيقة إلا الله ، وإن كانوا في الظاهر يعبدون غير الله .
وتأويل قراءة عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه إذا اعتزلتموهم وجميع ما يعبدون من دون الله .
ويحتمل أن يكون هذا منهم ليس على القول والنطق ، ولكن ألقي في قلوبهم وقذف ، أنهم إذ فارقوا قومهم ، وباينوهم{[11439]} { فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته } .
وقال الحسن : إن في قومهم من قد آمن سواهم ، فقالوا : إنكم باينتم ،
وفارقتم ( قومكم ){[11440]} { فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته } فلا تُعُدُّوا{[11441]} منهم ، فلعلهم يلحقونكم ، ويطلبون لقاءكم ، فلا يعدوا{[11442]} منهم .
ويشبه أن يكون قوله : { فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته } لما عزموا أن يفارقوا قومهم اعتزلتم الشيطان ، فقال : إنكم تفارقون قومكم إلى مكان ، وليس معكم شراب ولا طعام ، فتهلكون أنفسكم ، فدفعوا وساوسه بقوله صلى الله عليه وسلم { ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا } .
ثم قوله : { ويهيئ لكم من أمركم مرفقا }قال بعضهم : يخلق لكم ربكم كقوله : { وانظر إلى العظام كيف ننشزها } بالراء ( ننشرها ){[11443]} ( البقرة : 259 ) أي كيف نخلقها ، وقال بعضهم : { ينشر لكم } أي يبسط ، والنشر هو البسط .
وقوله تعالى : { من رحمته } يحتمل الرزق ، ويحتمل كل شيء يدفع الهلاك عن أنفسهم .
وقوله تعالى : { ويهيئ لكم من أمركم مرفقا } أي ما ترفقون به ، وتنتفعون ، وهو قول أبي عوسجة ، وهو من الرفق ( والمرفق ){[11444]} أيضا مثله ، لأنه ينتفع ( به ){[11445]} .
وقال القتبي : { ويهيئ لكم من أمركم مرفقا } ما يُرْتَفَقُ به وقال أبو عبيدة : المرفق ما ارتفقت به . فأما في اليدين فهو مِرْفَقُ ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.