الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَلَقَدۡ عَهِدۡنَآ إِلَىٰٓ ءَادَمَ مِن قَبۡلُ فَنَسِيَ وَلَمۡ نَجِدۡ لَهُۥ عَزۡمٗا} (115)

وقوله عز وجل : { وَلَقَدْ عَهِدْنَا إلى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ } [ طه : 115 ] .

العهدُ هنا بمعنى الوصِيّة ، والشيءُ الّذي عهد إلى آدم عليه السلام هو أَلاَّ يقرَبَ الشجرة .

( ت ) : قال عِياضٌ : وأما قوله تعالى : { وعصى آدَمُ رَبَّهُ فغوى } [ طه : 121 ] .

أي : جهل ، فإنّ الله تعالى أخبر بعذره بقوله : { ولَقَدْ عَهدْنَا إلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } [ طه : 115 ] ، قيل : نسي ، ولم ينو المخالفة فلذلك ، قال تعالى : { وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } ، أيْ : قصداً للمخالفة .

( ت ) : وقيل : غير هذا مما لا أرى ذكره هنا ، ولِلَّه دَرُّ ابن العَربيّ حيثُ قال : يجبُ تنْزِيه الأنْبياء عليهم الصلاة والسلام عما نَسَبَ إليهم الجهالُ . ولكن البَارِي سبحانه بحُكْمه النافذ ، وقَضَائِه السابق أسلم آدم إلى الأكل من الشجرة متعمِّداً للأكل ، ناسِياً للعهد ، فقال في تعمده : { وَعَصَى آدَمَ } [ طه : 121 ] ، وقال في بيان عُذْرهُ : { ولَقَدْ عَهِدْنَا إلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ } [ طه : 115 ] فَمُتَعَلِّق العهد غيرُ متعلِّق النسيان ، وجاز للمولى أن يقول في عبده لحقه : عصى تَثْرِيباً ، ويعودُ عليه بفضله فيقول : ( نَسِيَ ) تقريباً ، ولا يجوز لأحد مِنّا أن يطلق ذلك على آدمَ ، أو يذكره إلاَّ في تلاَوة القرآن أو قول النبيّ صلى الله عليه وسلم . انتهى . من «الأحكام » .