الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَقَدۡ عَهِدۡنَآ إِلَىٰٓ ءَادَمَ مِن قَبۡلُ فَنَسِيَ وَلَمۡ نَجِدۡ لَهُۥ عَزۡمٗا} (115)

قوله تعالى ذكره : { ولقد عهدنا إلى آدم من قبل }[ 112 ] إلى قوله : { ولا تضحى }[ 116 ] .

المعنى : أن يترك هؤلاء المشركون{[45570]} أمري ، ويتبعوا أمر عدوهم إبليس ، فقديما فعل أبوهم{[45571]} آدم ذلك . فلقد عهدنا إليه أن إبليس عدوه ، فنسي ، وأطاعه ، أي : فترك ما عهد إليه ، وأطاع إبليس إذ وسوس إليه{[45572]} .

قال ابن عباس ومجاهد : ( نسي ) ترك أمر الله{[45573]} .

وقال الحسن : ( نبي ) : ترك ، ولو كان من النسيان ، لم يكن عليه شيء{[45574]} .

وقال ابن زيد : العهد الذي عهد الله جل ذكره إلى آدم هو قوله : { إن هذا عدو لك ولزوجك } أي : نسي العداوة التي أعلم بها{[45575]} .

وقيل : قول عدوه ، فيكون نسي من النسيان على هذا القول لا من الترك .

وقال ابن عباس : إنما سمي الإنسان إنسانا لأنه عهد إليه فنسي{[45576]} .

ثم قال تعالى : { ولم نجد له عزما }[ 112 ] .

قال قتادة : { عزما } : صبرا{[45577]} .

وقال عطية{[45578]} : { عزما } حفظا لما أمر به{[45579]} . وروي ذلك عن ابن عباس .

وقال ابن زيد : ( العزز ) : المحافظة والتمسك بأمر الله{[45580]} .

وعن ابن عباس : { ولم نجد له عزما } أي لم نجعل له عزما{[45581]} .

قال أبو أمامة{[45582]} : لو أن أحلام بني آدم ، يعني : عقولهم جمعت منذ خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة ، وضعت في كفة ميزان{[45583]} ووضع حلم آدم{[45584]} في الكفة [ الأخرى ]{[45585]} لرجح حلمه بأحلامهم{[45586]} وقد قال الله تعالى ذكره { ولم نجد له عزما }{[45587]} .

وقيل : المعنى : ( ولم نجد له عزما ) على ترك المعصية . وأصل العزم في اللغة ، اعتقاد القلب على الشيء ، فيكون المعنى على هذا ، ولم نجد له عزم قلب على الصبر على الوفاء لله بما عهد إليه .


[45570]:ز: المشركين. خطأ.
[45571]:(أبوهم) سقطت من ز.
[45572]:قال ابن عطية وهذا التأويل ضعيف، وذلك كون آدم مثالا للكفار الجاحدين بالله، ليس بشيء، وآدم إنما عصى بتأويل. ففي هذا غضاضة عليه صلى الله عليه وسلم. انظر: تفسير القرطبي 11/251.
[45573]:انظر: جامع البيان 16/220 وزاد المسير 5/328 والدر المنثور 4/309 وفتح القدير 3/291.
[45574]:انظر: تفسير ابن كثير 3/167.
[45575]:انظر: جامع البيان 16/221.
[45576]:انظر: جامع البيان 16/221 وتفسير القرطبي 11/251 وتفسير ابن كثير 3/167 والدر المنثور 4/309.
[45577]:انظر: جامع البيان 16/221 وتفسير القرطبي 11/251.
[45578]:هو عطية بن الحارث، أبو روق الهمداني الكوفي، صاحب التفسير. انظر: ترجمته في تقريب التهذيب 393 وتهذيب التهذيب 7/224.
[45579]:انظر: جامع البيان 16/221 وزاد المسير 5/328 وفتح القدير 3/391.
[45580]:انظر: جامع البيان 16/221 وتفسير القرطبي 11/252.
[45581]:انظر: جامع البيان 16/221.
[45582]:هو أبو أمامة سهل بن حنيف الأنصاري الأوسي المدني الفقيه الحجة ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ورآه فيما قيل (ت 100 هـ) ترجمته في سير أعلام النبلاء 3/518. وتهذيب التهذيب 1/263.
[45583]:ز: الميزان.
[45584]:آدم سقطت من ز.
[45585]:زيادة من ز.
[45586]:ز: بأعلامهم. (تحريف).
[45587]:انظر: جامع البيان 16/222 وتفسير القرطبي 11/252.