الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَلَقَدۡ عَهِدۡنَآ إِلَىٰٓ ءَادَمَ مِن قَبۡلُ فَنَسِيَ وَلَمۡ نَجِدۡ لَهُۥ عَزۡمٗا} (115)

{ وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَى ءَادَمَ مِن قَبْلُ } الآية يقول الله سبحانه : وإن يضيّع هؤلاء الذين نصرّف لهم في القرآن الوعيد عهدي ويخالفوا أمري ويتركوا طاعتي فقد فعل ذلك أبوهم آدم ( عليه السلام ) حيث عهدنا إليه أي أمرناه وأوصينا إليه { فَنَسِيَ } فترك الأمر والعهد ، نظيره قوله

{ نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ } [ التوبة : 67 ] أي تركوا أمر الله فتركهم الله في النار . هذا قول أكثر المفسرين .

وقال ابن زيد : نسي ما عهد الله إليه في ذلك ، ولو كان له عزم ما أطاع عدوّه إبليس الذي حسده وأبى أن يسجد له ، وعصى الله الذي كرّمه وشرّفه ، وعلى هذا القول يحتمل أن يكون آدم في ذلك القول بالنسيان مأخوذ ، وإن كان هو اليوم عنّا مرفوعاً .

{ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } قال ابن عباس : حفظاً لما أُمر به ، قتادة ومقاتل : صبراً ، ابن زيد : محافظة على أمر الله وتمسّكاً به ، الضحّاك : صريمة أمر ، عطية : رأياً ، وقيل : جزماً ، ابن كيسان : إصراراً وإضماراً على العود إلى الذنب ثانياً ، وأصل العزم النيّة واعتقاد القلب على الشيء .

قال أبو أمامة : لو أنّ أحلام بني آدم جمعت منذ يوم خلق الله سبحانه آدم إلى يوم تقوم الساعة ، ووضعت في كفّة ميزان ، ووضع حلم آدم في الكفّة الأُخرى لرجح حلمه بأحلامهم ، وقد قال الله تعالى { وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } .