وقوله تعالى : { قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ } [ الفرقان : 77 ] .
ما نافية وتحتمل التقرير ، ثم الآية تحتمل أنْ تكون خطاباً لجميع الناس ، فكأنه قال لقريش منهم : ما يبالي اللّه بكم ، ولا ينظر إليكم لولا عبادتكم إيَّاه ، أَنْ لو كانت إذ ذلك الذي يعبأ بالبشر من أجله ، قال تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } [ الذاريات : 56 ] .
وقال النقاش وغيره : المعنى : لولا استغاثتكم إليه في الشدائد ، وقرأ ابن الزبير وغيره : «فَقَدْ كَذَّبَ الْكَافِرُونَ » وهذا يؤيِّد أَنَّ الخطاب بما يعبأ هو لجميع الناس ، ثم يقول لقريش : فأنتم قد كذبتم ، ولم تعبدوه { فسوف يكون } العذاب أو التكذيب الذي هو سبب العذاب لزاماً ، ويحتمل أنْ يكون الخطابُ بالآيتين لقريش خاصة .
وقال الداوديُّ : وعن ابن عُيَنْنَةَ : { لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ } معناه : لولا دعاؤكم إيَّاهُ لتطيعوه ، انتهى .
قال ابن العربي في «أحكامه » : زعم بعض الأدباء أنَّ { لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ } معناه : لولا سؤالُكم إياه وطلبُكم منه ، ورأى أَنَّه مصدر أُضِيفَ إلى فاعل ، وليس كما زعم وإنما هو مصدر أضيف إلى مفعول ، والمعنى : قل يا محمد للكفار : لولا دعاؤكم ببعثة الرسول إليكم وتبين الأدلة لكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاماً ذكر هذا عند قوله تعالى : { لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرسول بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً } [ النور : 63 ] في آخر سورة النور انتهى .
( ت ) والحق أنَّ الآية محتملة لجميع ما تقدم ، ومَنِ ادَّعى التخصيص فعليه بالدليل ، واللّه أعلم ويعبأ : مشتق من العِبْءِ وهو الثِّقَلُ الذي يُعَبَّأُ ويرتب كما يعبأ الجيش ، قال الثعلبيُّ : قال أبو عُبَيْدَةَ : يقالُ : ما عَبَأْتُ به شيئاً ، أي : لم أَعُدَّه شيئاً فوجوده وعدمه سواء انتهى .
وقال العراقي : { مَا يَعْبَأُ } أي : ما يبالي ، انتهى .
وأكثر الناس على أن اللزام المشار إليه هو يوم بدر ، وقالت فرقة : هو توعد بعذاب الآخرة ، وقال ابن عباس : اللزام الموت ، وقال البخاريُّ : { فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً } [ الفرقان : 77 ] أي : هلكةً انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.