الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّٗا شَيَٰطِينَ ٱلۡإِنسِ وَٱلۡجِنِّ يُوحِي بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ زُخۡرُفَ ٱلۡقَوۡلِ غُرُورٗاۚ وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُۖ فَذَرۡهُمۡ وَمَا يَفۡتَرُونَ} (112)

قوله سبحانه : { وكذلك جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شياطين الإنس والجن . . . } [ الأنعام :112 ] .

تتضمَّن تسلية النبيِّ صلى الله عليه وسلم وعَرْضَ القُدْوة عليه ، أي : هذا الذي امتحنت به ، يا محمَّد ، مِن الأعداء قد امتحن به غَيْرُك من الأنبياء ، ليبتليَ اللَّه أُولِي العَزْم منهم ، و{ شياطين الإنس والجن } : يريدُ : المتمردِّين من النوعَيْن ، و{ يُوحِي } معناه : يلقيه في اختفاء ، فهو كالمناجاةِ والسِّرَارِ ، و{ زُخْرُفَ القول } : محسَّنه ومُزَيَّنه بالأباطيل ، قاله عكرمة ومجاهد ، والزخرفة ، أكثر ما تستعملُ في الشرِّ والباطل ، و{ غُرُوراً } : مصدرٌ ، ومعناه يغرُّون به المضلَّلين ، والضمير في { فعَلُوهُ } عائدٌ على اعتقادهم العداوةَ ، ويحتملُ على «الوحْيِ » الذي تضمَّنه { يُوحِي } .

وقوله سبحانه : { فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } : لفظٌ يتضمَّن الأمر بالموادعة ، وهو منسوخٌ ، قال قتادة : كُلُّ «ذَرْ » في كتاب اللَّه منسوخٌ بالقتالِ .