فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{لَوۡ أَرَدۡنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهۡوٗا لَّٱتَّخَذۡنَٰهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَٰعِلِينَ} (17)

{ لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين } نقل صاحب روح المعاني عن صاحب الكشف ما حاصله : لو أردنا اتخاذ لهو لكان اتخاذ لهو من جهتنا حكمة اتخذتموها لهوا من جهتكم ، وهذا عين الجد والحكمة ، فهو في معنى : لو أردناه لامتنع . . . والممتنع لا يصلح متعلقا للقدرة ، ورجح أن تكون { إن } في قول الحق سبحانه { إن كنا فاعلين } نافية ، وقال : كما عليه جمهور المفسرين وحسنه بالغ الحسن . . اه ؛ فكأن المعنى : ما كنا لنفعل ذلك ؛ ولهذا جاء بعدها : { بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه } لكنا لا نريد لهوا ولا عبثا بل شأننا أن نغلب الحق الذي من جملته الجد على الباطل الذي من جملته اللهو ، وتخصيص هذا الشأن من بين شؤونه تعالى بالذكر للتخلص لما سيأتي إنشاء الله تعالى من الوعيد {[2121]} . قال مجاهد : الحق هنا القرآن ، والباطل : الشيطان ، وقيل : الحق : المواعظ ؛ والباطل : المعاصي ؛ والقرآن يتضمن الحجة والموعظة ؛ ولله من في السماوات والأرض ملكا وخلقا وله تعالى خاصة جميع المخلوقات خلقا وملكا وتدبيرا وتصريفا ، وإحياء وإماتة ، وتعذيبا وإثابة ، من غير أن يكون لأحد في ذلك دخل ما استقلالا واستتباعا . . . وفي الإتقان : حيث يراد العدد يؤتى بالسماء مجموعة ، وحيث يراد الجهة يؤتى بها مفردة ، { من عنده } وهم الملائكة مطلقا عليهم السلام . . . والمراد بالعندية : عندية الشرف لا عندية المكان ، وقد شبه قرب المكانة والمنزلة بقرب المكان والمسافة . . {[2122]} .

{ لا يستكبرون عن عبادته } أي لا يعدون أنفسهم كبراء ، ولا يتعظمون عن العبادة ، ولا يأنفون عن التخشع والخضوع لجلاله سبحانه ؛ { ولا يستحسرون } لا يتعبون ولا يعيون ولا يملون .


[2121]:ما بين العارضتين أورده الألوسي.
[2122]:ما بين العارضتين أورده الألوسي.