{ إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين56 وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا . أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ؛ ولكن أكثرهم لا يعلمون57 . وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين58 . وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلوا عليهم آياتنا . وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون59 . وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها ؛ وما عند الله خير وأبقى . أفلا تعقلون60 }
لما كانت الآيات السابقات قد بينت أن بعضا من اليهود والنصارى قد أسلموا وآمنوا ؛ بينما كان حال كثير من قوم الرسول صلى الله عليه وسلم وعشيرته حال الضالين المضلين ، مع حرص النبي على استنقاذهم ، وأسفه على غوايتهم ؛ ذكّره الله تعالى بما قضاه وأمضاه ، وأنه سبحانه هو الهادي دون سواه : { من يضلل الله فلا هادي له } . . ( {[3070]} ) . . { من يهد الله فهو المهتد }( {[3071]} .
أخرج البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم . . . عن ابن عباس أنه قال : { إنك لا تهدي من أحببت } . . . نزلت في أبي طالب ؛ ألح النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن يسلم فأبى ؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية . أخرج عبد بن حميد ومسلم . . . عن أبي هريرة قال : لما حضرت وفاة أبي طالب أتاه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : " ياعماه ؛ قل لا إله إلا الله أشهد لك بها عند الله يوم القيامة " ؛ فقال : لولا أن يعيروني قريش - يقولون : ما حمله عليها إلا جزعه من الموت- لأقررت بها عينك ؛ فأنزل الله تعالى : { إنك لا تهدي من أحببت } الآية-{[3072]} . ومهما حرص النبي وأحب لهم الهداية فلن يهتدي إلا من شاء ربنا الحكيم هدايته : { إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل }( {[3073]} { وهو أعلم بالمهتدين } فيجازيهم بما هم أهل له .
يقول صاحب تفسير القرآن العظيم : وقد ثبت في الصحيحين أنها نزلت في أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ وقد كان يحوطه وينصره ، ويقوم في صفه ، ويحبه حبا شديدا ؛ طبعيا لا شرعيا . فلما حضرت الوفاة وحان أجله دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان ، والدخول في الإسلام ؛ فسبق القدر فيه ، واختطف من يده ؛ فاستمر على ما كان عليه من الكفر . وعن المسيب بن حزن المخزومي - رضي الله عنه – قال : لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا عم ؛ قل لا إله إلا الله ؛ كلمة أحاج لك بها عند الله " ؛ فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب ؛ أترغب عن ملة عبد المطلب ! فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ، ويعودان له بتلك المقالة ، حتى كان آخر ما قال : هو على ملة عبد المطلب ، وأبى أن يقول لا إله إلا الله ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك " ؛ فأنزل الله تعالى : { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى } ( {[3074]} وأنزل في أبي طالب : { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء } أخرجاه من حديث الزهري . . اه
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.