يأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءاً فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا( 43 ) .
نهى الله تعالى المؤمنين عن التلبس بالصلاة والشروع في أدائها حال سكر من كان يسكر يومئذ( {[1412]} ) ، ولا يؤذن له ولا يقبل منه الأداء إلا إذا كان مفيقا صاحيا ، يعلم ما يصدر عنه من أفعال وأقوال ؛ { ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا } عن علي رضي الله عنه قال : نزلت في السفر ، . . . وعابر السبيل : المسافر ، إذا لم يجد ماء تيمم ؛ وعن الحكم : المسافر تصيبه الجنابة فلا يجد ماء فيتيمم ؛ فكأن المعنى : يأيها الذين آمنوا لا تقبل من أحد منكم صلاته وهو سكران إلا إذا أفاق وعاد صاحيا ، ولا تقبل صلاة( {[1413]} ) من أجنب حتى يغتسل إلا أن يكون مسافرا ؛ قال أهل اللغة : إذا قيل : لا تقرب بفتح الراء فمعناه : لا تتلبس بالفعل ، وإذا كان بضم الراء كان معناه : لا تَدْنُ منه ؛ والجنب : الذي يجب عليه الغسل بالجماع ، أو خروج المني ، قاله ابن الأثير( {[1414]} ) ؛ { وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء احد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم } عن ابن مسعود : المريض الذي أرخص له في التيمم : الكسير والجريح ، فإذا أصابته الجنابة لا يَحُل جراحتَه إلا جراحة لا يخشى عليها ؛ - وإن كنتم جرحى أو بكم . . علة لا تقدرون معها على الاغتسال من الجنابة وأنتم مقيمون غير مسافرين فتيمموا صعيدا طيبا ، . . ، وإن كنتم مسافرين وأنتم أصحاء جنب فتيمموا ، . . . ، أو جاء أحد منكم من الغائط قد قضى حاجته وهو مسافر صحيح فليتيمم صعيدا أيضا ، والغائط : ما اتسع من الأودية ، . . ، وجعل كناية عن قضاء حاجة الإنسان لأن العرب كانت تختار قضاء حاجتها في الغيطان- .
وذكر عن مجاهد أنه قال في الغائط : الوادي ؛ . . . عن سعيد بن جبير قال : ذكروا اللمس ، فقال ناس من الموالي : ليس بالجماع ، وقال ناس من العرب : اللمس : الجماع ، قال : فأتيت ابن عباس ، فقلت : إن ناسا من الموالي والعرب اختلفوا في اللمس ، فقالت الموالي : ليس بالجماع ، وقالت العرب : الجماع ، قال : مِن أي الفريقين كنت ؟ قلت : كنت من الموالي ، قال : غلب فريق الموالي ، إن المس واللمس والمباشرة : الجماع ، ولكن الله يكني ما يشاء بما يشاء ؛ ( ثم إن نظم هذين الأمرين- المجيء من الغائط ومجامعة النساء- في مسلك سببي سقوط الطهارة ، والمصير إلى التيمم- يعني : المرض والسفر- مع كونهما سببي وجوبها ليس باعتبار أنفسهما ، بل باعتبار قيدهما المستفاد من قوله سبحانه : { فلم تجدوا ماء } بل هو السبب في الحقيقة ، . . . كأنه قيل : أو : لم تكونوا مرضى ولا مسافرين بل كنتم فاقدين للماء بسبب من الأسباب مع تحقيق ما يوجب استعماله من الحدث الأصغر أو الأكبر . . .
{ فتيمموا صعيدا طيبا } الفاء واقعة في جواب الشرط ، والظاهر أن الضمير راجع إلى جميع ما اشتمل عليه ، . . والتيمم لغة : القصد ، . . ، والصعيد : وجه الأرض ، . . . ، والطيب : الطاهر ، . . . ، والمعنى : فتعمدوا واقصدوا شيئا من وجه الأرض طاهرا ، وهذا دليل واضح لجواز التيمم بالكحل والآجر ، . . . . ، ونصب { صعيدا } على أنه مفعول به ، وقيل : إنه منصوب بنزع الخافض ، أي فتيمموا( {[1415]} ) بصعيد- ( {[1416]} ) { فامسحوا بوجوهكم وأيديكم } روى البخاري عن عمران بن حصين : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا معتزلا لم يصل في القوم ، فقال : " يا فلان ما منعك أن تصلي " ؟ فقال : يا رسول الله أصابتني جنابة ولا ماء ، قال : " عليك بالصعيد فإنه يكفيك " ؛ { إن الله كان عفوا غفورا } إن الله لم يزل عفوا من ذنوب عباده وتركه العقوبة على كثير منها ، ما لم يشركوا به ، كما عفا عنكم أيها المؤمنون عن قيامكم إلى الصلاة التي فرضها عليكم في مساجدكم وأنتم سكارى .
{ غفورا }- يقول : فلم يزل يستر عليهم ذنوبهم بتركه معاجلتهم العذاب على خطاياهم ، كما ستر عليكم أيها المؤمنون بتركه معاجلتكم على صلاتكم في مساجدكم سكارى ، يقول : فلا تعودوا لمثلها ، فينالكم بعودكم لما قد نهيتكم عنه من ذلك منكلة-( {[1417]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.