فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيۡنَٰهُمۡ فَٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡعَمَىٰ عَلَى ٱلۡهُدَىٰ فَأَخَذَتۡهُمۡ صَٰعِقَةُ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (17)

{ وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون( 17 )ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون( 18 ) }

ولما فصلت الآيتان قبل هاتين الآيتين شيئا من أنباء عاد لأنهم أسبق من ثمود زمانا بُين في هاتين بعض ما كان من قوم صالح ، فقد بيّن لهم رسولهم من هدى الله الذي بُعث به ، فاختاروا الضلالة وآثروها على اتباع الهدى .

و{ الهدى } هديان : يأتي بمعنى الإرشاد والدلالة فيقولون : فلان يهديني الطريق ، أي يدل عليه ويرشد إليه ؛ ويأتي بمعنى شَرْحُ الصدر للحق والخير ، وذلك لا يملكه إلا الله وحده : { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء . . }{[4163]} ، فكأن المعنى -والله أعلم- دلَلْنا ثمود على الإيمان والإحسان ، فآثروا الطغيان على الطاعة والإذعان . فداهمتهم هلكة العذاب المذل المخزي بسبب استكبارهم وتجبرهم وكفرهم بربهم واستهزائهم بنبيهم ، وعقرهم الناقة التي جاءتهم لاختبارهم ، ونجّى الله رسوله صالحا والذين آمنوا معه بتقواهم وصدق يقينهم .


[4163]:سورة القصص من الآية 56.