فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَۖ تَبۡتَغِي مَرۡضَاتَ أَزۡوَٰجِكَۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (1)

مقدمة السورة:

( 66 ) سورة التحريم مدينة

وآياتها اثنتا عشرة

كلماتها : 249 ؛ حروفها : 1060

بسم الله الرحمان الرحيم

{ يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم ( 1 ) }

عتاب من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : إذ خالف الأولى وحرم على نفسه ما لم يحرمه المولى عليه من أجل أن يرضي بعض نسائه ولا يغضبهن ؛ وربنا عظيم المغفرة والستر والصفح عمن ألم بشيء ثم استغفر منه وأناب ، واسعة رحمته- تبارك وتعالى- فلن تضيق رحمة البر اللطيف الولي الشكور بعبد من عباد الرحمان .

روى البخاري وغيره عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا فتواصيت أنا وحفصة أن أيتنا دخل عليها النبي صلوات الله عليه وسلامه- فلتقل إني أجد منك ريح مغافير{[7246]} ؛ أكلت مغافير ؟ ؛ فدخل على إحداهما فقالت ذلك له ، فقال : ( لا بل شربت عسلا عند زينب ولن أعود ) .

[ وقد زل الزمخشري{[7247]} ههنا كعادته فزعم أن ما وقع من تحريم الحلال المحظور ، لكنه غفر له عليه الصلاة والسلام ، وقد شن ابن المنير في الانتصاف الغارة في التشنيع عليه فقال ما حاصله : إن ما أطلقه في حقه صلى الله عليه وسلم تقول وافتراء ، والنبي صلى الله عليه وسلم منه براء ؛ وذلك أن تحريم الحلال على وجهين : الأول اعتقاد ثبوت حكم التحريم فيه ؛ وهو كاعتقاد ثبوت حكم التحليل في الحرام ، محظور يوجب الكفر فلا يمكن صدوره من المعصوم أصلا ؛ والثاني- الامتناع من الحلال مطلقا أو مؤكدا باليمين ، مع اعتقاد حله ، وهذا مباح صرف وحلال محض ، ولو كان ترك المباح والامتناع منه غير مباح لاستحالت حقيقة الحلال ، وما وقع منه صلى الله عليه وسلم كان من هذا النوع ، وإنما عاتبه الله تعلى عليه رفقا به وتنويها بقدره وإجلالا لمنصبه عليه الصلاة والسلام أن يراعي مرضاة أزواجه بما يشق عليه جريا على إلف من لطف الله تعالى به . . . ]{[7248]} .


[7246]:- بقلة أو صمغة متغيرة الرائحة، فيها حلاوة؛ واحدها: مغفور.
[7247]:-صاحب كتاب التفسير، المعروف بـ [الكشاف].
[7248]:-ما بين العارضتين مما أورده الألوسي جـ 28 ص 147، 148.