الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{إِذۡ دَخَلُواْ عَلَىٰ دَاوُۥدَ فَفَزِعَ مِنۡهُمۡۖ قَالُواْ لَا تَخَفۡۖ خَصۡمَانِ بَغَىٰ بَعۡضُنَا عَلَىٰ بَعۡضٖ فَٱحۡكُم بَيۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ وَلَا تُشۡطِطۡ وَٱهۡدِنَآ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلصِّرَٰطِ} (22)

{ إذ دخلوا على داود ففزع منهم } لأنهما دخلا بغير إذن في غير وقت دخول الخصوم { قالوا لا تخف خصمان } أي نحن خصمان { بغى بعضنا على بعض } أي ظلم بعضنا بعضا { فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط } ولا تجر { واهدنا إلى سواء الصراط } إلى طريق الحق

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِذۡ دَخَلُواْ عَلَىٰ دَاوُۥدَ فَفَزِعَ مِنۡهُمۡۖ قَالُواْ لَا تَخَفۡۖ خَصۡمَانِ بَغَىٰ بَعۡضُنَا عَلَىٰ بَعۡضٖ فَٱحۡكُم بَيۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ وَلَا تُشۡطِطۡ وَٱهۡدِنَآ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلصِّرَٰطِ} (22)

وكأن المحراب الذي تسوروه كان فيه باب من داخل باب آخر ، فنبه على ذلك بأن أبدل من " إذ " الأولى قوله : { إذ } أي حين { دخلوا } وصرح باسمه رفعاً للبس وإشعاراً بما له من قرب المنزلة وعظيم الود فقال : { على داود } ابتلاء منا له مع ما له من ضخامة الملك وعظم القرب منا ، وبين أن ذلك كان على وجه يهول أمره إما لكونه في موضع لا يقدر عليه أحد أو غير ذلك بقوله : { ففزع } أي ذعر وفرق وخاف { منهم } أي مع ما هو فيه من ضخامة الملك وشجاعة القلب وعلم الحكمة وعز السلطان .

ولما كان كأنه قيل : فما قالوا له ؟ قال : { قالوا لا تخف } ولما كان ذلك موجباً لذهاب الفكر في شأنهم كل مذهب ، عينوا أمرهم بقولهم : { خصمان } أي نحن فريقان في خصومة ، ثم بينوا ذلك بقولهم : { بغى بعضنا } أي طلب طلبة علو واستطالة { على بعض } فأبهم أولاً ليفصل ثانياً فيكون أوقع في النفس ، ولما تسبب عن هذا سؤاله في الحكم قالوا : { فاحكم بيننا بالحق } أي الأمر الثابت الذي يطابقه الواقع ، وإنما سألاه ذلك مع العلم بأنه لا يحكم إلا بالعدل ليكون أجدر بالمعاتبة عند أدنى هفوة { ولا تشطط } أي لا توقع البعد ومجاوزة الحد لا في العبارة عن ذلك بحيث يلتبس علينا المراد ولا في غير ذلك ، أو ولا تمعن في تتبع مداق الأمور فإني أرضى بالحق على أدنى الوجوه ، ولذا أتى به من الرباعي والثلاثي بمعناه ، قال أبو عبيد : شط في الحكم وأشط - إذا جار ، ولذا أيضاً فك الإدغام إشارة إلى أن النهي إنما هو عن الشطط الواضح جداً . ولما كان الحق له أعلى وأدنى وأوسط ، طلبوا التعريف بالأوسط فقالوا { واهدنا } أي أرشدنا { إلى سواء } أي وسط { الصراط * } أي الطريق الواضح ، فلا يكون بسبب التوسط ميل إلى أحد الجانبين : الإفراط في تتبع مداق الأمور والتفريط في إهمال ذلك .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِذۡ دَخَلُواْ عَلَىٰ دَاوُۥدَ فَفَزِعَ مِنۡهُمۡۖ قَالُواْ لَا تَخَفۡۖ خَصۡمَانِ بَغَىٰ بَعۡضُنَا عَلَىٰ بَعۡضٖ فَٱحۡكُم بَيۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ وَلَا تُشۡطِطۡ وَٱهۡدِنَآ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلصِّرَٰطِ} (22)

{ إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ } { إذْ } بدل من { إذ } الأولى فقد كان داود في داره ، وكان قد أمر أن لا يدخل عليه أحد في ذلك اليوم ؛ ثم فوجئ باثنين قد تَسوّرا عليه الدار ليسألاه عن شأنهما { فَفَزِعَ مِنْهُمْ } لأنهما أتياه ليلا في وقت لا يأتي فيه الخصوم ، وقد دخلوا عليه بغير إذنه وكان ذلك من غير الباب الذي يدخل من الناس بل دخلوا تسلّقا من فوق المحراب . وكان محرابه من الامتناع بالارتفاع بحيث لا يرقى إليه أحد بحيلة إلا ببالغ المشقة والجهد .

قوله : { قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ } { خَصْمَانِ } خبر لمبتدأ محذوف وتقديره : نحن خصمان . يعني : قال الملكان لداود كيلا يفزع منهما : نحن فريقان من الخصوم بغى بعضنا على بعض . أو تعدى أحدنا على الآخر . وذلك على سبيل الفرض والتقدير ، أو التعريض ؛ لأن الملائكة لا تبغي . ثم طلبا منه أن يقضي بينهما بالحق وأن لا يجور . وهو قوله : { فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ } تُشطِط من الشطط ، وهو مجاوزة القدر في كل شيء والمراد به هنا الجور والعدل ؛ أي اقضِ بيننا بالعدل ولا تجر في قضائك ولا تَملِ فيه مع أحد .

قوله : { وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ } يعني أرشدنا إلى الطريق المستقيم .