ففزع منهم : الفزع : انقباض يعتري الإنسان من الشيء المخيف .
ولا تشطط : الشطط : مجاورة الحق في كل شيء ، يقال : شط فلان على فلان في الحكم ، واشتط ، إذا ظلم وتجاوز الحق إلى الباطل .
22-{ إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط } .
فما إن دخلوا على داود حتى فزع خوفا منهم ، فهو متفرغ للعبادة ، وحوله حراس ، ولم يأتوه من الباب ، ولم يستأذنوا في الدخول عليه ، ولم يأتوه في اليوم الذي يجلس فيه للقضاء ، فظن أنهم يريدون به سوءا ، كالقتل أو الإيذاء ، لكنهم بادروه مطمئنين ، وقالوا له : لا تخف منا ، فما أردنا بك سوءا لكن قصدناك لتقضي بيننا في خصومة ، فنرجو أن تحكم بيننا بالحق والعدل ، ولا تبتعد بالإنصاف إلى الشطط والجور ، وأرشدنا إلى الطريق السوّي الذي نتبعه ، فقد بغى أحدنا على الآخر ، ويبدوا أن الذي كلم داود وطلب منه الحكم بالعدل ، والبعد عن الجور والظلم ، وهو ذلك الخصم الذي شعر بمرارة الظلم وفداحته ، فلم يتلطف في القول ، وتجرأ في أمر داود بالحكم بالعدل والبعد عن الشطط ، وكان نبي الله داود مثلا يحتذى ، ونموذجا يقتدى به في احتمال خطأ الخصوم ، والصبر والاحتمال والحلم والابتعاد عن الغضب .
فإن قيل : لِمَ فزع داود وهو نبي ، وقد قويت نفسه بالنبوّة ، واطمأنت بالوحي ، ووثقت بما آتاه الله من المنزلة ، وأظهر على يديه من الآيات وكان من الشجاعة في غاية المكانة ؟
قيل له : ذلك سبيل الأنبياء قبله ، لم يأمنوا القتل والأذية ، ومنهم من كان يخاف ، ألا ترى إلى موسى وهارون – عليهما السلام – كيف قالا : { إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى } . [ طه : 45 ] أي : فرعون ، فقال الله لهما : { لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى } . [ طه : 46 ] .
ويمكن أن نزيد على الكلام القرطبي ما يأتي : إن داود جاء في أعقاب موسى ، وقد اعتدى بنو إسرائيل على الأنبياء بالقتل .
قال تعالى : { سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغر حق . . . } [ آل عمران : 181 ] .
وقال تعالى : { فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق . . . } [ النساء : 155 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.