الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ كَأَن لَّمۡ يَلۡبَثُوٓاْ إِلَّا سَاعَةٗ مِّنَ ٱلنَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيۡنَهُمۡۚ قَدۡ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ وَمَا كَانُواْ مُهۡتَدِينَ} (45)

{ إِلاَّ سَاعَةً مّنَ النهار } يستقربون وقت لبثهم في الدنيا . وقيل : في القبور ، لهول ما يرون { يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ } يعرف بعضهم بعضاً ، كأنهم لم يتفارقوا إلاّ قليلاً ، وذلك عند خروجهم من القبور ثم ينقطع التعارف بينهم لشدّة الأمر عليهم .

فإن قلت : { كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ } و { يَتَعَارَفُونَ } كيف موقعهما ؟ قلت : أما الأولى فحال من «هم » أي يحشرهم مشبهين بمن لم يلبث إلاّ ساعة . وأما الثانية فإما أن تتعلق بالظرف . وإما أن تكون مبينة ، لقوله : { كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً } لأنّ التعارف لا يبقى مع طول العهد وينقلب تناكراً { قَدْ خَسِرَ } على إرادة القول ، أي يتعارفون بينهم قائلين ذلك ، أو هي شهادة من الله تعالى على خسرانهم . والمعنى أنهم وضعوا في تجارتهم وبيعهم الإيمان بالكفر { وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } للتجارة عارفين بها ، وهو استئناف فيه معنى التعجب ، كأنه قيل : ما أخسرهم !