تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ كَأَن لَّمۡ يَلۡبَثُوٓاْ إِلَّا سَاعَةٗ مِّنَ ٱلنَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيۡنَهُمۡۚ قَدۡ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ وَمَا كَانُواْ مُهۡتَدِينَ} (45)

وقوله تعالى : ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ النَّهَارِ ) قال [ بعضهم ][ ساقطة من الأصل وم ] في قبورهم ( يتعارفون بينهم ) إذا خرجوا من قبورهم . وقال بعضهم من أهل التأويل ( كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ النَّهَارِ ) في الدنيا .

وأصله : كأنهم استقلوا طول مقامهم في الدنيا وما أنعموا فيها لما عاينوا من أهوال ذلك اليوم وشدائده ؛ واستقلوا لبثهم في الدنيا ومقامهم في الآخرة والعذاب .

وفيه وجه ثان ، وهو أن يُذكر من شدة سفههم وغاية جهلهم أن ما بعدهم من الحشر والعذاب الأبد كأنهم لا يلبثون فيها إلا ساعة من نهار حتى لا ينالوا[ في الأصل وم : ينالون ] ما يلحقهم من ذلك ما يستوجبون عليه من العذاب باكتسابهم تلك الأسباب .

وقوله تعالى : ( يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ) أي يعرف بعضهم بعضا على قدر ما يتبرأ بعضهم من بعض ، ثم يفرق بينهم كقوله : ( فزيلنا بينهم )[ يونس : 28 ] أي فرقنا بينهم .

وقوله تعالى : ( قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ ) أي خسروا بما وعدوا في الآخرة من النعم الدائمة بترك اكتسابهم إياها إذ قد أعطوا ما يكتسبون به نعم الآخرة ، فاكتسبوا ما به خسروا ذلك . فهو كقوله : ( فما أصبرهم على النار )[ البقرة : 175 ] على اكتساب ما به يستوجبون النار .