مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{لَقَدۡ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ بَعَثَ فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (164)

{ لَقَدْ مَنَّ الله عَلَى المؤمنين } .

على من آمن مع رسول الله عليه السلام من قومه ، وخص المؤمنين منهم لأنهم هم المنتفعون بمبعثه { إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مّنْ أَنفُسِهِمْ } من جنسهم عربياً مثلهم أو من ولد إسماعيل كما أنهم من ولده ، والمنة في ذلك من حيث إنه إذا كان منهم كان اللسان واحد فيسهل أخذ ما يجب عليهم أخذه عنه ، وكانوا واقفين على أحواله في الصدق والأمانة فكان ذلك أقرب لهم إلى تصديقه ، وكان لهم شرف بكونه منهم .

وفي قراءة رسول الله «من أنفسهم » أي من أشرفهم { يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءاياته } أي القرآن بعدما كانوا أهل جاهلية لم يطرق أسماعهم شيء من الوحي { وَيُزَكّيهِمْ } ويطهرهم بالإيمان من دنس الكفر والطغيان أو يأخذ منهم الزكاة { وَيُعَلّمُهُمُ الكتاب والحكمة } القرآن والسنة { وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ } من قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم { لَفِى ضلال } عمى وجهالة { مُّبِينٍ } ظاهر لا شبهة فيه «إن » مخففة من الثقيلة واللام فارقة بينها وبين النافية والتقدير : وإن الشأن والحديث كانوا من قبل في ضلال مبين .