{ لَقَدْ مَنَّ الله } جوابُ قسمٍ محذوفٍ أي والله لقد منّ الله أي أنعم { عَلَى المؤمنين } أي من قومه عليه السلام { إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً منْ أَنفُسِهِمْ } أي من نسبَهم أو من جنسهم عربياً مثلَهم ليفقهوا كلامَه بسهولة ليكونوا واقفين على حاله في الصدق والأمانةِ مفتخرين به ، وفي ذلك شرف لهم عظيم ، قال الله تعالى : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } [ الزخرف ، الآية 44 ] وقرئ من أنفَسِهم أي أشرافهم فإنه عليه السلام كان من أشرف قبائلِ العربِ وبطونِها وقرئ لَمِنْ منِّ الله على المؤمنين إذ بعث الخ ، على أنه خبر لمبتدأ محذوفٍ أي منُّه إذ بعث الخ ، أو على أن إذ في محل الرفعِ على الابتداء بمعنى لمن منّ الله عليه من المؤمنين وقتُ بعثِه ، وتخصيصُهم بالامتنان مع عموم نعمةِ البعثةِ الأسود والأحمرِ لما مرّ من مزيد انتفاعِهم بها وقوله تعالى : { منْ أَنفُسِهِمْ } متعلقٌ بمحذوف وقع صفةً لرسولاً أي كائناً من أنفسهم وقوله تعالى : { يَتْلُو عَلَيْهِمْ آياته } صفةٌ أخرى أي يتلو عليهم القرآنَ بعد ما كانوا أهلَ جاهليةٍ لم يطرُق أسماعَهم شيءٌ من الوحي { وَيُزَكّيهِمْ } عطفٌ على يتلو أي يطهرهم من دنس الطبائعِ وسوءِ العقائدِ وأوضارِ الأوزار { وَيُعَلّمُهُمُ الكتاب والحكمة } أي القرآنَ والسنةَ وهو صفةٌ أخرى لرسولاً مترتبةٌ في الوجود على التلاوة ، وإنما وُسِّط بينهما التزكيةُ التي هي عبارةٌ عن تكميل النفسِ بحسَب القوةِ العلميةِ وتهذيبِها المتفرِّعَ على تكميلها بحسَب القوةِ النظريةِ الحاصلِ بالتعليم المترتبِ على التلاوة ، للإيذان بأن كلَّ واحدٍ من الأمور المترتبةِ نعمةٌ جليلةٌ على حيالها مستوجِبةٌ للشكر فلو رُوعيَ ترتيبُ الوجودِ كما في قوله تعالى : { رَبَّنَا وابعث فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آياتك وَيُعَلّمُهُمُ الكتاب والحكمة وَيُزَكّيهِمْ } [ البقرة ، الآية 129 ] لتبادر إلى الفهم عدُّ الجميعِ نعمةً واحدةً ، وهو السرُّ في التعبير عن القرآن بالآياتِ تارةً وبالكتاب والحكمةِ [ تارةً ]{[132]} أخرى رمزاً إلى أنه باعتبار كلِّ عنوانٍ نعمةٌ على حِدَة ، ولا يقدح في ذلك شمولُ الحكمةِ لما في مطاوي الأحاديثِ الكريمةِ من الشرائع كما سلف في سورة البقرة { وَإِن كَانُوا مِن قَبْل } أي من قبلِ بعثتِه عليه السلام وتزليتِه وتعليمِه { لَفي ضلال مُبِينٍ } أي بيِّن لا ريب في كونه ضلالاً وإن هي المخففةُ من الثقيلة ، وضميرُ الشأنِ محذوفٌ واللامُ فارقةٌ بينها وبين النافية ، والظرفُ الأولُ لغوٌ متعلقٌ بكان ، والثاني خبرُها وهي مع خبرها خبرٌ لأن المخففة التي حُذف اسمُها أعني ضميرَ الشأن ، وقيل : هي نافية واللامُ بمعنى إلا ، أي وما كانوا من قبل إلا في ضلال مبين ، وأياً ما كان فالجملةُ إما حالٌ من الضمير المنصوبِ في يعلمهم أو مستأنفةٌ ، وعلى التقديرين فهي مبيِّنة لكمال النعمةِ وتمامِها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.