{ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ( 164 ) } [ 164 ] .
في الآية تقرير لنعمة الله وفضله على المؤمنين ببعثه إليهم رسولا منهم يبلغهم آياته ويطهر نفوسهم من الخبائث النفسية والفكرية والجاهلية ويعلمهم كتاب الله ويبصرهم بحكمته بعد أن كانوا قبله في ضلال شديد .
ولم نر المفسرين يذكرون شيئا كمناسبة للآية . والمتبادر أنها استمرار للسياق وفيها كذلك معنى التعقيب والتعليق على حوادث وقعة أحد ، ولعل فيها تمهيد للآيات التالية أيضا .
ولقد انطوى في الآية تنويه بالرسالة المحمدية وأهدافها بأسلوب وجيز رائع .
ولقد وجه الخطاب فيها إلى العرب بصراحة مما انطوى في تعبير { رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ } وفي هذا توكيد لشأنية العرب في الرسالة الإسلامية وكونهم حملتها ؛ لأنهم أولا المخاطبين بها والمتلقين كتاب الله عن رسوله مباشرة والسامعين لتعليمه وحكمته . ولقد انطوت هذه المعاني في آيات سابقة أيضا {[463]} . وعلقنا عليها بما يغني عن التكرار . والمتبادر أن حكمة التنزيل اقتضت توكيدها في هذا المقام بسبب ما ألم بالمسلمين من وقعة أحد لتهدأ نفوسهم وتسكن قلوبهم .
ولقد قرأ بعضهم { أَنْفُسِهِمْ } هنا و { أَنْفُسِكمْ } في آية سورة التوبة هذه { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ( 128 ) } بفتح الفاء من النفاسة أو النبل حيث يكون معنى الكلمة أن النبي من أنفس وأنبل أروماتهم . ومع أن هذا مما وردت فيه أحاديث صحيحة أوردناها في سياق تفسير آية النحل [ 113 ] فإن الجمهور على قراءة الفاء بالضم كجمع للنفس . وقد يدعم صواب هذه القراءات آيات سورة البقرة [ 129 و 151 ] والنحل [ 113 ] والجمعة [ 2 ] التي ورد فيها تعبيرات منهم ومنكم من مقام من أنفسكم وأنفسهم . كما يدعمها ما روي عن ابن عباس وأوردناه في سياق آية سورة النحل كتوضيح لذلك ، وهذا الاستدراك ليس في مقام نفي ما وردت به الأحاديث من كون النبي خير البشر أسرة وعشيرة وقبيلة وبطنا مما ورد في تلك الأحاديث كما هو واضح .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.