رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل خروجه إلى الحديبية كأنه وأصحابه قد دخلوا مكة آمنين وقد حلقوا وقصروا ، فقصّ الرؤيا على أصحابه ، ففرحوا واستبشروا وحسبوا أنهم داخلوها في عامهم ، وقالوا : إن رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم حق ، فلما تأخر ذلك قال عبد الله بن أبيّ وعبد الله بن نفيل ورفاعة بن الحرث : والله ما حلقنا ولا قصرنا ولا رأينا المسجد الحرام ، فنزلت . ومعنى : { صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرؤيا } صدقه في رؤياه ولم يكذبه - تعالى الله عن الكذب وعن كل قبيح علواً كبيراً - فحذف الجارّ وأوصل الفعل ، كقوله تعالى : { صَدَقُواْ مَا عاهدوا الله عَلَيْهِ } [ الأحزاب : 23 ] .
فإن قلت : بم تعلق { بالحق } ؟ قلت : إمّا بصدق ، أي : صدقه فيما رأى ، وفي كونه وحصوله صدقاً ملتبساً بالحق : أي بالغرض الصحيح والحكمة البالغة ، وذلك ما فيه من الابتلاء والتمييز بين المؤمن المخلص ، وبين من في قلبه مرض ، ويجوز أن يتعلق بالرؤيا حالاً منها أي : صدقه الرؤيا ملتبساً بالحق ، على معنى أنها لم تكن من أضغاث الأحلام . ويجوز أن يكون { بالحق } قسماً : إمّا بالحق الذي هو نقيض الباطل . أو بالحق الذي هو من أسمائه . و { لَتَدْخُلُنَّ } جوابه . وعلى الأوّل هو جواب قسم محذوف أي والله لتدخلن .
فإن قلت : ما وجه دخول { إِن شَاءَ الله } في أخبار الله عز وجل ؟ قلت : فيه وجوه : أن يعلق عدته بالمشيئة تعليماً لعباده أن يقولوا في عداتهم مثل ذلك ، متأدّبين بأدب الله ، ومقتدين بسنته . وأن يريد : لتدخلنّ جميعاً إن شاء الله ولم يمت منكم أحداً ، أو كان ذلك على لسان ملك ، فأدخل الملك إن شاء الله . أو هي حكاية ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه وقصّ عليهم . وقيل : هو متعلق بآمنين { فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ } من الحكمة والصواب في تأخير فتح مكة إلى العام القابل { فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ } أي من دون فتح مكة { فَتْحاً قَرِيباً } وهو فتح خيبر ، لتستروح إليه قلوب المؤمنين إلى أن يتيسر الفتح الموعود .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.