جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{لَّقَدۡ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءۡيَا بِٱلۡحَقِّۖ لَتَدۡخُلُنَّ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمۡ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَۖ فَعَلِمَ مَا لَمۡ تَعۡلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتۡحٗا قَرِيبًا} (27)

{ لقد صدق الله ورسوله الرؤيا } أي : في رؤياه ، فهو من نزع الخافض ، وذلك أنه- عليه الصلاة والسلام- رأى في المنام قبل الحديبية أنه وأصحابه يدخلون المسجد الحرام آمنين محلقين رءوسهم ومقصرين غير خائفين ، فأخبر أصحابه ففرحوا فلما صدوا عن البيت شق ذلك عليهم فنزلت ، { بالحق } ، حال من الرؤيا أي : متلبسة بالحق ، فإنها كائنة لا محالة ، وتحقيقها في العام المقبل ، { لتدخلن } ، جواب قسم محذوف ، { المسجد الحرام إن شاء الله } ، الاستثناء ، لأجل تعليم العباد لا للشك ، { آمنين } ، حال ، والشرط معترض ، { محلقين رءوسكم ومقصرين{[4672]} } أي : محلقا بعضكم ، ومقصرا آخرون حال مقدرة لأن الدخول ما كان في حال الحلق ، { لا تخافون } ، حال مؤكدة ، { فعلم ما لم تعلموا } : من الحكم والمصالح ، { فجعل من دون ذلك } أي : من دون دخولكم المسجد ، { فتحا قريبا{[4673]} } هو الصلح الحديبية على الأصح كما ذكرنا في أول السورة ، أو هو فتح خيبر ،


[4672]:والحلق والتقصير خاص بالرجال، والحلق أفضل من التقصير كما يدل على ذلك الحديث الصحيح في استغفاره- صلى الله عليه وسلم- للمحلقين في المرة الأولى، والثانية، والقائل يقول له: وللمقصرين، فقال في الثالثة:"وللمقصرين" وقد ورد في الدعاء للمحلقين، والمقصرين في البخاري ومسلم وغيرهما منها أحاديث ما قدمنا الإشارة إليه، وهو من حديث ابن عمر، وفيهما من حديث أبي هريرة أيضا/12 فتح.
[4673]:ولما أخبر بهذه الأمور الجليلة الدالة على إحاطة علمه وشرف رسوله، فقال:{هو الذي أرسل رسوله} الآية / 12 وجيز.