بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{لَّقَدۡ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءۡيَا بِٱلۡحَقِّۖ لَتَدۡخُلُنَّ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمۡ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَۖ فَعَلِمَ مَا لَمۡ تَعۡلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتۡحٗا قَرِيبًا} (27)

قوله عز وجل : { لَّقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرؤيا بالحق } يعني : حقق الله تعالى رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوفاء ، والصدق ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في المنام قبل الخروج إلى الحديبية ، أنهم يدخلون المسجد الحرام . فأخبر الناس بذلك ، فاستبشروا . فلما صدهم المشركون ، قالت المنافقون في ذلك ما قالت . فنزل { لَّقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرؤيا بالحق } يعني : يصدق رؤياه بالحق { لَتَدْخُلُنَّ المسجد الحرام } يعني : ما أخبر أصحابه أنهم يدخلون المسجد الحرام في العام الثاني . ويقال : نزلت الآية بعد ما دخلوا في العام الثاني { لَّقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرؤيا بالحق لَتَدْخُلُنَّ المسجد الحرام } يعني : ما أخبر أصحابه أنهم يدخلون المسجد الحرام { إن شاء الله آمنين } يعني : لتدخلن { إن شاء الله آمنين } يعني : بإذن الله ، وأمره . ويقال : هذا اللفظ حكاية الرؤيا . وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم حين رأى في المنام ، رأى كأن ملكاً ينادي وهو يقول : لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله ، فأنزل الله تعالى { لَّقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرؤيا بالحق } وهو قول الملك { لَتَدْخُلُنَّ المسجد الحرام إِن شَاء الله آمِنِينَ } من العدو { مُحَلّقِينَ رُءوسَكُمْ وَمُقَصّرِينَ } يعني : منهم من يحلق ، ومنهم من يقصر { لاَ تخافون } العدو { فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ } قال مقاتل : فعلم أن يفتح عليهم خيبر قبل ذلك ، فوعد لهم الفتح ، ثم دخول مكة ، ففتحوا خيبر ، ثم رجعوا ، ثم دخلوا مكة ، وأتوا عمرة القضاء . وقال الكلبي في قوله : { فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ } يعني : علم الله أنه سيكون في السنة الثانية ، ولم تعلموا أنتم ، فلذلك وقع في أنْفسكم ما وقع { فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً } يعني : فتح خيبر .