غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لَّقَدۡ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءۡيَا بِٱلۡحَقِّۖ لَتَدۡخُلُنَّ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمۡ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَۖ فَعَلِمَ مَا لَمۡ تَعۡلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتۡحٗا قَرِيبًا} (27)

1

ثم قص رؤيا نبيه صلى الله عليه وسلم بياناً لإعجازه فإن الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة .

وقصته أنه رأى في المنام أن ملكاً قال له { لتدخلن } إلى قوله { لا تخافون } فأخبر أصحابه بها ففرحوا وجزموا بأنهم داخلوها في عامهم ، فلما صدّوا عن البيت واستقر الأمر على الصلح قال بعض الضعفة : أليس كان يعدنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نأتي البيت فنطوف به ؟ فقال لهم أهل البصيرة : هل أخبركم أنكم تأتونه العام ؟ فقالوا : لا . قال : فإنكم تأتونه وتطوفون بالبيت فأنزل الله تصديقه . ومعنى { صدق الله رسوله الرؤيا } صدقه في رؤياه ولم يكذبه . وقوله { بالحق } إما أن يكون متعلقاً ب { صدق } أي صدقه فيما رأى صدقاً متلبساً بالحق وهو أن يكون ما أراه كما أراه ، وإما أن يكون حالاً من الرؤيا أي متلبسة بالحق يعني بالغرض الصحيح وهو الابتلاء ، وتميز المؤمن المخلص من المنافق المرائي . وجوّز أن يكون { بالحق } قسماً لأنه إسم من أسماء الله سبحانه ، أو لأن المراد الحق الذي هو نقيض الباطل فتكون اللام في { لتدخلنّ } جواب القسم لا للابتداء فيحسن الوقف على { الرؤيا } . والبحث علن الحلق والتقصير وسائر أركان الحج والعمرة وشرائطهما استوفيناها في سورة البقرة فليتذكر . وفي ورود { إن شاء الله } في خبر الله عز وجل أقوال أحدها : أنه حكاية قول الملك كما روينا . والثاني أن ذلك خارج على عادة القرآن من ذكر المشيئة كقوله { يغفر لمن يشاء } { ويعذب المنافقين إن شاء } والمعنى إن الله يفعل بالعباد ما هو الصلاح فيكون استثناء تحقيق لا تعليق . والثالث أنه أراد لتدخلن جميعاً إن شاء ولم يمت أحد أو لم يغب . والرابع أنه تأديب وإرشاد إلى استعمال الاستثناء في كل موضع لقوله صلى الله عليه وسلم وقد دخل البقيع " وأنا إن شاء الله بكم لاحقون " وليس في فروع الموت استثناء . الخامس أنه راجع إلى حالة الأمن وعدم الخوف . ثم رتب على الصدق وعلى سوء ظن القوم قوله { فعلم ما لم تعلموا } من الحكمة في تأخير الفتح إلى العام القابل { فجعل من دون ذلك } الفتح { فتحاً قريباً } وهو فتح خيبر .

/خ29