تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{لَّقَدۡ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءۡيَا بِٱلۡحَقِّۖ لَتَدۡخُلُنَّ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمۡ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَۖ فَعَلِمَ مَا لَمۡ تَعۡلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتۡحٗا قَرِيبًا} (27)

قوله :{ لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق } وذلك أن الله عز وجل أرى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، وهو بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحديبية أنه وأصحابه حلقوا وقصروا ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك أصحابه ففرحوا واستبشروا وحبسوا أنهم داخلوه في عامهم ذلك ، وقالوا : إن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم حق ، فردهم الله عز وجل عن دخول المسجد الحرام إلى غنيمة خيبر ، فقال المنافقون عبد الله بن أبي ، وعبد الله بن رسل ، ورفاعة بن التابوه : والله ، ما حلقنا ولا قصرنا ، ولا رأينا المسجد الحرام ، فأنزل الله تعالى :{ لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق } .

{ لتدخلن المسجد الحرام } يعني العام المقبل { إن شاء الله } يستثنى على نفسه مثل قوله :{ سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله } ويكون ذلك تأديبا للمؤمنين ألا يتركوا الاستثناء ، في رد المشيئة إلى الله تعالى { آمنين } من العدو { محلقين رءوسكم ومقصرين } من أشعاركم { لا تخافون } عدوكم { فعلم } الله أنه يفتح عليهم خيبر قبل ذلك فعلم { ما لم تعلموا } فذلك قوله :{ فجعل من دون ذلك } يعني قبل ذلك الحلق والتقصير { فتحا قريبا } يعني غنيمة خيبر وفتحها ، فلما كان في العام المقبل بعدما رجع من خيبر أدخله الله هو وأصحابه المسجد الحرام ، فأقاموا بمكة ثلاثة أيام فحلقوا وقصروا تصديق رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم .