الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{عُتُلِّۭ بَعۡدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ} (13)

{ عُتُلٍّ } غليظ جاف ، من عتله : إذا قاده بعنف وغلظة { بَعْدَ ذَلِكَ } بعدما عدّ له من المثالب والنقائص { زَنِيمٍ } دعي . قال حسان :

وَأنْتَ زَنِيمٌ نِيطَ فِي ءَالِ هَاشِم *** كَمَا نِيطَ خَلْفَ الرَّاكِبِ الْقَدَحُ الْفَرْدُ

وكان الوليد دعيا في قريش ليس من سنخهم ، ادعاه أبوه بعد ثمان عشرة من مولده . وقيل : بغت أمّه ولم يعرف حتى نزلت هذه الآية ، جعل جفاءه ودعوته أشد معايبه ، لأنه إذا جفا وغلظ طبعه ، قسا قلبه واجترأ على كل معصية ، ولأن الغالب أن النطفة إذا خبثت خبث الناشىء منها . ومن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة ولد الزنا ولا ولده ولا ولد ولده " و { بَعْدَ ذَلِكَ } نظير ( ثم ) في قوله : { ثُمَّ كَانَ مِنَ الذين ءامَنُواْ } [ البلد : 17 ] وقرأ الحسن : «عتل » رفعاً على الذم ، وهذه القراءة تقوية لما يدل عليه بعد ذلك . والزنيم : من الزنمة وهي الهنة من جلد الماعزة ، تقطع فتخلى معلقة في حلقها ، لأنه زيادة معلقة بغير أهله .