فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{عُتُلِّۭ بَعۡدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ} (13)

{ عتل } قال الواحدي : المفسرون يقولون هو الشديد الخلق الفاحش الخلق ، وقال الفراء : هو الشديد الخصومة في الباطل ، وقال الزجاج : هو الغليظ الجافي في الطبع ، من عتله إذا قاده بعنف وغلظة ، وقال الليث : هو الأكول المنوع ، وقيل قاسي القلب ، وقيل الذي يعتل الناس ، أي يحملهم ويجرهم إلى ما يكرهون من حبس وضرب ، ومنه { خذوه فاعتلوه } وقيل هو الفاحش اللئيم .

{ بعد ذلك زنيم } أي هو بعد ما عد من معايبه ومثالبه الثمانية ، دعيّ ملصق مستلحق بالقوم ، وليس هو منهم ، مأخوذ من الزنمة المتدلية في حلق الشاة أو الماعز ، وقال سعيد بن جبير : الزنيم المعروف بالشر ، وقيل هو رجل من قريش ، كان له زنمة كزنمة الشاة . وقيل هو الظلوم ، وقال ابن عباس : له زنمة كزنمة الشاة . والعتل هو الدعي ، والزنيم هو المريب الذي يعرف بالشر ، وعنه قال : الزنيم الدعي ، وعنه الزنيم الذي يعرف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها ، وعنه قال : هو الرجل يمر على القوم فيقولون رجل سوء ، وقال : أيضا الزنيم الظلوم .

وهذه البعدية في الرتبة لا في الخارج ، قال الشهاب : فبعد هنا كثم للتراخي في الرتبة ، قال أبو السعود : وفيه دلالة على أن دعوته أشد وأقبح قبائحه ؛ وقد قيل أن هذه الآيات نزلت في الأخنس بن شريق ، لأنه حليف ملحق في بني زهرة ؛ وقيل في الوليد بن المغيرة ، وبه قال الجمهور ، وقيل في أبي جهل بن هشام ، وقيل في الأسود ابن عَبْد يغوث ، قاله ابن عباس .