تفسير ابن أبي زمنين - ابن أبي زمنين  
{وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِۚ فَإِنۡ أُحۡصِرۡتُمۡ فَمَا ٱسۡتَيۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡيِۖ وَلَا تَحۡلِقُواْ رُءُوسَكُمۡ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡيُ مَحِلَّهُۥۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ بِهِۦٓ أَذٗى مِّن رَّأۡسِهِۦ فَفِدۡيَةٞ مِّن صِيَامٍ أَوۡ صَدَقَةٍ أَوۡ نُسُكٖۚ فَإِذَآ أَمِنتُمۡ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلۡعُمۡرَةِ إِلَى ٱلۡحَجِّ فَمَا ٱسۡتَيۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡيِۚ فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ ثَلَٰثَةِ أَيَّامٖ فِي ٱلۡحَجِّ وَسَبۡعَةٍ إِذَا رَجَعۡتُمۡۗ تِلۡكَ عَشَرَةٞ كَامِلَةٞۗ ذَٰلِكَ لِمَن لَّمۡ يَكُنۡ أَهۡلُهُۥ حَاضِرِي ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (196)

{ وأتموا الحج والعمرة } لله تفسير قتادة : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما هي حجة وعمرة ، فمن قضاهما فقد قضى الفريضة ، أو قضى ما عليه ، فما أصاب بعد ذلك فهو تطوع{[111]} .

قال يحيى :العامة على أن الحج والعمرة فريضتان ، إلا أن سعيدا

[ خبرنا ] ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : الحج فريضة والعمرة تطوع{[112]} .

والقراءة على هذا التفسير : بنصب الحج ، ورفع العمرة{[113]} ، ومقرأة العامة : بالنصب فيهما{[114]} .

قوله تعالى : { فإن أحصرتم } الإحصار أن يعرض للرجل ما يحول بينه وبين الحج من مرض أو عدو { فما استيسر من الهدي } قال ابن عباس : ما استيسر من الهدي شاة { ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله } قال عطاء : كل هدي بلغ الحرم ثم عطب ، فقد بلغ محله ، إلا هدي المتعة والمحصر . قال محمد المحل : الموضع الذي يحل [ فيه النحر ] ، وهو من : حل يحل ، أي وجب يجب { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } .

يحيى : عن مجاهد ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به عام الحديبية وهو محرم ، وهو يوقد تحت

قدر له ، فنكس رأسه فإذا الهوام تجول في رأسه ، فقال : " أتؤذيك هوام رأسك يا كعب ؟ " قال : نعم ، فسكت النبي عليه السلام ، فنزلت هذه الآية ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " احلقه ، وصم ثلاثة أيام ، أو أطعم فرقا بين ستة ، أو أهد شاة{[115]} " .

قال يحيى : الفرق{[116]} : ثلاثة آصع ، صاع بين اثنين .

{ فمن تمتع بالعمرة إلى الحج } من أهل بعمرة في أشهر الحج في شوال ، أو في ذي القعدة ، أو في ذي الحجة ، ثم حج من عامة ذلك ، فهو متمتع عليه ما استيسر من الهدي ، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام في الحج .

مالك بن أنس ، عن الزهري ، عن سالم بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، قال : من يوم يهل إلى يوم عرفة ، فإن فاته ذلك صام أيام منى{[117]} .

قوله تعالى : { وسبعة إذا رجعتم } .

يحيى : عن عثمان ، عن نافع ، عن سليمان بن يسار ، أن عمر بن الخطاب ،

قال : صام إذا رجع إلى أهله . وقال مجاهد : إن شاء صامها في الطريق .

{ ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام } قال عطاء : من كان منها على رأس ليلة فهو من حاضري المسجد الحرام .


[111]:لم أجده هكذا.
[112]:أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (4/304 ح3) الطبري في تفسيره (2/216، ح 3219) وعزاه الحافظ السيوطي لعبد بن حميد. انظر: الدر المنثور (1/218).
[113]:على الابتداء، وهي قراءة على بن أبي طالب، رضي الله عنه، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، رضي الله عنهما. انظر: البحر المحيط (2/74 – 75) الدر المصون (1/484).
[114]:انظر: البحر المحيط (7412) الدر المصون (1/484).
[115]:أخرجه البخاري (4/16، ح1814) ومسلم، (2/859 – 861، ح 1201).
[116]:الفرق: بسكون الراء مكيال يسع خمسمائة وعشرين رطلا، ومقدر الفرق عند الحنفية: مائتين وأحد عشر كليو ومائتين وخمسين جراما، وعند الجمهور: مائة وثمانية وتسعون كيلو، وتسع جرامات. انظر: المكاييل والموازين لعلى جمعة (ص 46).
[117]:أخرجه الإمام مالك في الموطأ (1/339، ح255) وعبد الرزاق في تفسيره (7611).